نظرية صرف الأنظار (1-2)
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

لو سمحت، لا تقرأ هذا المقال إلا إذا كنت متفقاً معي في ما أنا مقدم على قوله.
عملية "نصر من الله" ليست شيئاً عادياً لكي نعطيها يومين أو ثلاثة على وسائل إعلامنا، ثم نقفل على الموضوع داخل صندوق فرعوني مدعَّم بقفل غثيمي، وننسى الأمر تماماً، هذه العملية إذا لبث الناس يتحدثون عنها (ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعا)، فلن ينقذوا أنفسهم من التقصير بحقها.
إن كنت متفقاً معي في هذا، فأهلاً بك، وإن كان لك رأي آخر فلا تضيع وقتك في ما تبقى من هذا المقال.
حاستي السادسة تخبرني أنك في هذه اللحظة تتهمني بالمتفلسف والمفتقر لآداب الكتابة والذوق العام، وفي الأخير ستتخذ قرارك فعلاً بكسر قلبي وترك قراءة المقال، بعد أن تفعل هذا أرجو منك أن تفتح في هاتفك محرك البحث "غوغل" وتطلب منه أن يبحث عن هذه الجملة (أشهر عملية عسكرية).
إذا رأيت الأغلبية الغالبة من نتائج البحث تتحدث عن عملية "نصر من الله"، فاجبر بخاطري "ولو من باب المجاملة" وعُد لقراءة المقال، وأنا أعتذر منك بشدة عن أسلوبي الغريب وتماديّ في إملاء الأوامر عليك.
الان وقد أصبحنا أنا وأنت "سمناً على عسل"، فدعنا نتحدث لدقيقة على انفراد.
لا تخفى عليك النظرة البعيدة والعين الثاقبة التي وهبها رب الأرباب لعبده الإمام الخميني عليه السلام، مُخَلِّص شعب إيران من ظلمات الشاه وشوهته وشراهته.
الرجال من هذا النوع الرباني لا ينطقون كلمة واحدة بداعي الفضفضة أو الهجاء أو حتى إخراج الطاقة السلبية، وعندما يطلق الإمام الخميني على الولايات المتحدة مسمى "الشيطان الأكبر"، فهو يدرك حقاً وحقيقةً مدى شيطنتها وخبثها ومكرها.
الأمريكيون لا يتقنون فنون الحرب، وهم أجبن الجبناء جُبناً عند النزال، لكنهم يتقنون فنون المكر والخداع، وبهذا يحاولون كل يوم السيطرة على العالم، ويبدو لي أن الفأرَين "بينكي وبرين" التابعَين للسلسلة الأمريكية الكارتونية "الضاحكون"، يجسدان فعلياً "إسرائيل" وأمريكا، مع الأخذ بعين الاعتبار كلمات شارة البداية في المسلسل التي تقول: بينكي هو الغبي وبرين هو الذكي.. برين برين برين... الخ.
أخبرني بالله عليك، لماذا في هذا التوقيت بالذات انتفض المنتفضون في العراق؟!
لماذا بعد الإعلان عن عملية "نصر من الله" مباشرة قامت في العراق انتفاضة لم يكن لها ذكر، وكأن العراقيين محتجون على انتصار الجيش اليمني وليس على حكومتهم.
عادل عبدالمهدي ليس صديقاً قديماً لوالدي العزيز أطال الله في عمره، وبرهم صالح ليس من أبناء قرية "الوشل" في محافظة ذمار، والله العظيم لا توجد بيننا أية قرابة، ولا يمكن أن أجاملهم أو أدافع عنهم.
لكن هذه الانتفاضة تستحق التأمل، إنها أمريكية بامتياز، منذ أن تم تطهير بغداد والموصل من "دواعش أمريكا" والوضع هناك لم يرق للأمريكيين، الذين أقسموا ألّا يرى العراقيون أمناً أو خيرا، وهم من ذلك اليوم يتحينون الفرصة المناسبة لتفجير بغداد عن بكرة أبيها.
وعندما أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن العملية الأكبر في تاريخ الحروب العسكرية، وتوحدت وسائل الإعلام الأرضية والمريخية والزحلية بالحديث عن عملية "نصر من الله"، فار تنور الغيظ الأمريكي، وفي أجزاء من الثانية تم خلق انتفاضة في العراق.
وسائل إعلام السعودية وأخواتها التي كانت تسب وتشتم عملية "نصر من الله"، صارت مؤدبة فجأة وتركت الشتيمة والحديث عن العملية، بل تركت الحديث عن حربها في اليمن بشكل كلي، وسخرت المذيعين والمحررين والمحللين لتغطية انتفاضة العراق الزائفة.
ترند نصر من الله، تلاشى كدخان السيارات، وبحبح في عرش الكلام (ترند #العراق_ينتفض).
إنها نظرية صرف الأنظار، اللعبة الأمريكية الخبيثة، ذلك الفأر الوغد الذي يدعى "برين" يريد إلهاءنا عن أشهر عملية عسكرية بشهادة العالم "غوغل" أيضاً.
كل واحد حر في تصرفاته، أنا والله لن أقع في هذا الفخ اللعين، سأتغدى وأنا أتحدث عن آلاف الأسرى، وسأتعشى وأنا أصف مئات المدرعات المحروقة، سأحتسي الشاي وأنا أتأمل في إيمان وشجاعة اليمنيين، سأنام وأنا أضحك من غيظ المغتاظين، وسأستيقظ ضاحكاً أيضاً، سأفعل هذا لألف سنة مما تعدون.. وللحديث بقية.

أترك تعليقاً

التعليقات