توفيق هزمل

توفيق هزمل / لا ميديا -
اتخذت إيران سياسة الغموض الاستراتيجي كسلاح ردع، وذلك عبر برنامج تخصيب اليورانيوم، بحيث عملت على رفع مستوى التخصيب إلى ما يعرف بـ«الحافة النووية»، وهذه الحافة خلقت غموضاً استراتيجياً حول نية وقدرة إيران على صناعة سلاح نووي من عدمه، وبالتالي هذا دفع الأمريكان والصهاينة إلى التردد في استخدام القوة العسكرية ضد إيران، نظراً لاحتمال أن يسفر عن الغموض حقيقة رفع الستار عن سلاح نووي أو بالحد الأدنى إنتاج السلاح النووي نتيجة التعرض لعدوان.
هذه الاستراتيجية أعطت إيران حصانة ضد أي عدوان عليها؛ ولكن هذه الحصانة تلاشت نتيجة الاختراق الاستخباري لأجهزة المخابرات الأمريكية و«الإسرائيلية» والصهيونية الغربية، فما كان يمثل غموضاً استراتيجياً تحول إلى وضوح بأن إيران لا تسعى ولا ترغب بصناعة سلاح نووي، وأن رفع مستوى التخصيب إلى «الحافة النووية» يهدف فقط لخلق حالة ردع قائمة على الغموض.
هنا بدأ التحضير لشن الحرب على إيران من أجل إسقاط النظام، وهو ما حصل مؤخراً؛ ولكن تمكنها من امتصاص الصدمة واستعادة زمام المبادرة دفع باتجاه إيقاف المعركة معها، لتخرج منتصرة في هذه المعركة.
انتصار إيران في هذه المعركة أو الجولة من الحرب لا يعني انتصارها النهائي والقضاء على الخطر الصهيوني. صحيح أن إيران اكتسبت الردع الصاروخي عبر إثبات فاعلية قوتها الصاروخية في إحداث تدمير واسع؛ ولكنها فقدت ردع الغموض الاستراتيجي، وهو الأقوى والأهم، أي أن «كرت الحافة النووية» احترق، وبالوقت نفسه الردع الصاروخي يشكل حالة ردع؛ لكنه ليس ردعاً دائماً، بل مؤقت لحين تطوير أنظمة الدفاع الجوي في الكيان والقواعد الأمريكية، وكذا رصد التجمعات الرئيسية لتخزين الصواريخ الباليستية.
لذا، إيران في مفترق طرق: إما أن تستغل نتائج حرب الـ12 يوماً لتغير في عقيدتها النووية وتتحرر من فتوى حرمة صناعة السلاح النووي وتسخر كل الإمكانيات وتسابق الزمن لصناعة سلاح نووي، وإما أن تتخلى عن حقها في التخصيب وترضخ للشروط الأمريكية. لا يوجد خيار ثالث؛ لأن إيران منكشفة استراتيجياً وتحتاج إلى غطاء استراتيجي من وزن صناعة سلاح نووي أو ستغامر بمستقبلها كدولة ونظام.

أترك تعليقاً

التعليقات