أولوية التغيير الجذري
 

توفيق هزمل

توفيق هزمل / لا ميديا -
دخل التصنيف الأمريكي حيز التنفيذ، وبالتالي فقد دخلت أمريكا في مرحلة جديدة سلاحها الحرب الاقتصادية بعد فشل ضرباتها في ردع اليمنيين وإثنائهم عن نصرة إخوانهم في غزة.
وبما أننا أعددنا للحرب عدتها في حال قرر الأمريكي ومرتزقته الصهاينة المحليون استئناف العدوان على اليمن، خصوصا بعد توارد أنباء عن حشد الأمريكي لقوات برمائية في قواعده العسكرية بجيبوتي، وكذلك مع تسخين مرتزقة اليمن للأجواء الإعلامية، سواء من خلال إعادة الحديث حول الحصار المزعوم لتعز أو غيرها من الحملات الإعلامية التي ارتفعت وتيرتها خلال الفترة السابقة.
وبما أن الاستعدادات للمواجهة العسكرية قد اكتملت وتم حشد ما يزيد على مائتي ألف مجاهد بالإضافة إلى قوات الجيش، فنحن اليوم بحاجة للحشد والاستعداد الاقتصادي لمواجهة حرب الاقتصاد، والتي تم تغطيتها تحت ستار التصنيف المزعوم، وتهدف بالأساس إلى إعاقة تدفقات العملة الصعبة والضغط على التجار والمستثمرين.
والاستعدادات المطلوبة لمواجهة الحرب الاقتصادية تتمحور حول محورين رئيسين: الأول: حماية رأس المال الوطني المتمثل في التجار والمستثمرين عبر سلسلة من الإجراءات على رأسها التغيير الجذري للحكومة، لكي تتولى الحكومة الجديدة عملية حوكمة مؤسسات الدولة، ولاسيما الجهات الإيرادية، ووضع ضوابط ولوائح تنظم العلاقة بينها وبين التجار ورجال الأعمال والمستثمرين وتوقف القرارات والتصرفات الارتجالية والمزاجية في التعامل معهم، فالجميع يعلم بأنه تم رفع كفاءة تحصيل الإيرادات؛ ولكن هذا الرفع لم يتزامن مع حوكمة الجهات الإيرادية، فتحول التحصيل إلى عملية جائرة طاردة لرأس المال، ما ترتب عليه دخول البلد في حالة ركود اقتصادي خانق؛ بالإضافة إلى ضرورة الإسراع بإصلاح المنظومة القضائية وإيجاد معالجات عملية لقضية النزاع المزمن على الأراضي.
المحور الثاني: تخفيض فاتورة الاستيراد، وهذه العملية تحتاج إلى سلسلة من الإجراءات العاجلة يجب أن تتخذها الحكومة الجديدة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن فاتورة استيراد السجائر من الإمارات تصل إلى مليار دولار سنويا، بينما الحكومة الحالية ممثلة في وزارة المالية والصناعة واللجنة الاقتصادية اتخذت إجراءات حمائية للسجائر المستوردة تتمثل في خفض الرسوم المتحصلة عليها مقابل رفع الرسوم المتحصلة على المنتجة محليا بنحو خمسة أضعاف، هذا الرسمي، أما في الواقع العملي فلا يتم تحصيل رسوم إلا على ثلث السجائر المستوردة بينما تدخل البقية بدون رسوم.
هذا الأمر يفقد الخزينة العامة ما يقارب نصف مليار دولار سنويا، أي ما يزيد عن 250 مليار ريال في السنة كان يمكن توجيه جزء منها لبناء مراكز متخصصة لعلاج السرطان وتوفير الأدوية مجانا للمرضى، بدلا من جعل تجارة السجائر المستوردة تدر أرباحاً تزيد عن أرباح تجارة المخدرات بأضعاف مضاعفة، حتى أن أرباح هذه التجارة وصلت إلى عشرة أضعاف رأس المال المستثمر فيها سنويا.
ما سبق مجرد أمثلة على بعض الجوانب التي تضغط على الاقتصاد وتقدمه ليصبح فريسة سهلة للحرب الاقتصادية التي أطلقها قرار التصنيف الأمريكي. والمطلوب على الأقل أن نكتفي بالحرب الاقتصادية الخارجية ونوقف الحرب الاقتصادية الداخلية التي تديرها الحكومة الحالية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال التسريع بإجراء التغيير الجذري بالمعنى الحرفي للكلمة، ذلك أن بقاء مسؤول واحد من الحكومة الحالية كفيل بعرقلة أي خطوات أو استعدادات لمواجهة الحرب الاقتصادية الجديدة بعد قرار التصنيف.
لم نعد نملك ترف المجاملات أو الصمت؛ لذا أحذّر صانعي القرار من خطورة المرحلة القادمة، لاسيما في جانبها الاقتصادي، وأن وضع الاعتبارات والمصالح الشخصية أو الفئوية بالاعتبار في هذه المرحلة هو عملية انتحار جماعية وتمكين للصهاينة من رقاب اليمنيين.

أترك تعليقاً

التعليقات