(ياسين) على الإرهاب!
 

نجيب القرن

من غرائب الحرب أنها عرت وفضحت مواقف لشخصيات كنا نؤمل فيها ونعدها من القامات المفكرة، لكن للأسف الشديد خاب اعتقادنا كثيراً.
قبل أيام، كتب ياسين سعيد نعمان مقالاً خلاصته الدفاع عن الإرهاب من حيث يشعر أو لا يشعر بذلك، حيث اعتبر ياسين أن كل دورات العنف التي ضربت بلادنا عبارة عن (خطة شيطانية) ينفذها الانقلابيون، بحسب وصفه.. ليتناسى هكذا عمداً ومكابرة أن تلك الأعمال الإرهابية، سواء قبل مجيء هادي أو بعد فترته، هي أساساً ليست جديدة أو غريبة للجماعات التكفيرية الجهادية، والتي تنشر أعمالها في عدة دول، وبنفس النسخة المنهجية.
ياسين اكتشف ـ والكلام له ـ أن (الأعمال الإرهابية من تفجير العرضي والسبعين هي ضمن خطة وتحت عناوين تبرر الانقلاب والتمدد وتوسعة رقعة الحرب). 
يريد القول بصريح العبارة إن سلسلة هذه الأعمال الإرهابية سواء السابقة أو اللاحقة، هي من تنفيذ أنصار الله وعلي صالح! 
من السهل جداً رمي التهم جزافاً، وإلصاقها بالخصم المقابل نكاية أو عناداً، ومن الطبيعي أن تجد لها قبولاً في أوساط العوام والأتباع المقلدين.
العقلاء والأحرار هم وحدهم من يبحثون عن الأدلة المقنعة والقرائن الدامغة، لكنه من خلال منشوره الذي تناقله البعض لم يثبت بالدليل القاطع صحة نظريته واكتشافه، ولم يحترم العقل، وكأنه اكتفى فقط بمخاطبة الشريحة ذاتها، والتي تردد نفس التهمة منذ سنوات عدة. يستنتج ياسين أن هذه الجرائم الإرهابية إنما هي لأجل الانقلاب على هادي، وتوسعة رقعة الحرب! 
مقاله الباهت والمتناقض يعتبر انحداراً ثقافياً مريعاً وصل إليه أواخر عمرٍ يفترض فيه اكتمال حكمة المثقفين، لا أن يتردى ويتهاوى إلى بلاقع أرضية المتلقفين.
حين يصر ياسين على أن تلك الجرائم الإرهابية، والتي أصلاً أضرت بالشعب كله، ما هي إلا (خطة شيطانية قام بها الانقلابيون لتوسعة رقعة الحرب)، فهو بذلك يتغافل بقصد ويدافع عن الإرهاب تملقاً وتقرباً لأسياده لا غير. إن أهم الأشياء الأساسية والثابتة في هذا الموضوع، هي فكرة هذه الجماعات، بناؤها العقلي، وهو الأهم، ثقافتها الضاربة الجذور داخل مجتمعنا، والتي يستطيع اليوم أي إنسان أن يميزها عن سائر الثقافات والجماعات الأخرى.
ومن المعلوم والمؤكد أن أي شخص في الأرض لا يمكن له أن يؤدي دوراً يصل به إلى حد تفجير نفسه، دون أن يتشبع وينهل من المعتقد والفكرة التي تقنعه وتقوده للقيام بإنجازها برغبة تامة.
فهل من المعقول أن شخص علي صالح أو حركة أنصار الله ينتسب لهم فكرياً وواقعياً أشخاص مثل أبو هريرة الصنعاني أو أبو سفيان العدني، أم أن هؤلاء النماذج ينتمون لمدرسة معينة يعرفها جميع المنصفين في العالم؟
مدرسة معروف منهجها وممولها ومستخدمها، وقد أماط اللثام عن نفسه أكثر من مرّة. دول كبرى في مقدمتها أمريكا بانت حقيقة مساندتها لهذه الجماعات منذ أحداث أفغانستان سابقاً، وصولاً إلى العراق وليبيا، وفي حرب سوريا تعرت هذه الدول جميعاً بوضوح تام.
بنفس تلك النسخ المكررة لهذه الجماعات والفصائل تنشط وتتواجد في بلدنا وبقوة، لكنما ياسين يريد طمس الحقائق والوقائع على الأرض، والتي تؤرخ لفكر الإرهاب وجذوره ومنهجه، وصولاً لسمت أتباعه والداعمين الأساسيين والرسميين له.
ألا تكفي كل تلك الدلائل والحقائق لأن تحيل نظر ياسين وأنظار من هو على شاكلته، ليرتد خاسئاً وهو حسير؟

أترك تعليقاً

التعليقات