الإصلاح و(معبد الشمس)!
 

نجيب القرن

غالبية كوادر حزب الإصلاح العاملة الناصبة مع المملكة من المتبقية في الداخل، تتجه حالياً نحو محافظة مأرب لتحويلها إقليم سبأ وتشييد معبد الشمس.
غالبية مشاريع المملكة تصب هناك بكثرة، مع أن عائدات غاز مأرب وبعض موارد فيها تكفي لبناء محافظتين، لكنه الإدمان المزمن الذي يجعل من مشائخ الحزب وقادته مستعبدين فاردين أيديهم وجيوبهم على أبواب مملكة العهر والفتنة طيلة دهرهم.. ما تحلم به الجماعة في أدبياتها التنظيمية هو الوصول للدولة المسلمة ثم (الخلافة الإسلامية)، لكن في الحقيقة ومنذ نهاية الخمسينيات وتشكيل (الإخوان المسلمين) في اليمن، وهم لم يتجاوزوا ظلهم، وكل ما يسعون له هو وطن مفصل بحجم الجماعة، وليس بحجم وطن يتسع للجميع.. ليس لديهم أحلام كبيرة وتحررية من هيمنة وسيادة المملكة، ناهيك عن التحرر من الهيمنة الأمريكية، فهذه بنظرهم من سابع المستحيلات، ومستحيل حتى مجرد الحلم بمجابهة مشروعها في المنطقة، ولو بالتفوه بكلمة (الموت لأمريكا)، والتحول نحو محور المقاومة الحقيقية.. لم يفكروا بالتحرر من هيمنة أسرة رعاة الإبل الممسكين بخطام قرار البلد السيادي منذ عشرات السنوات، فكيف سيفكرون بالخروج ضد المشروع الأمريكي الصهيوني؟
يرجع الكثير ذلك لمسألة الالتزام بسُنة التدرج، مع أنهم لم يحددوا سنوات التدرج هذه، والتي قاربت من مشارف قرن بأكمله! للعلم أن رسولنا الأكرم صنع الإسلام وحطم أصنام الطواغيت في الجزيرة العربية، ووصلت رسائله لأعظم ملوك إمبراطوريتين في العالم، وذلك بأقل من 23 سنة هي عمر دعوة الرسالة المحمدية، وهؤلاء (الإخوان) دعوتهم لها ما يقارب الـ90 سنة، ولم يرسلوا رسالة واحدة لطواغيت العالم يقولون لهم فيها فقط دعونا وشأننا، لا نريدهم أن يقولوا لرئيس أمريكا أو روسيا (أسلم تسلم).
المصيبة، وإضافة لهذا الخنوع، نراهم يتقربون ويتوددون لطواغيت الأرض، حتى بتنا نشك بأن نشأة جذورهم وأدبياتهم صناعة لوبية!
دعونا من الحديث حول تقصيرهم عن مقارعة الطواغيت الكبار، وانظروا لمواقفهم تجاه صغار الطواغيت في الجزيرة من منافقي الأعراب الجلفين، كيف هو موقف الإخوان تجاه عبيد الأمريكان؟ أليست علاقة عبودية ورهن الوطن وقراره السيادي لرعاة الهجن البلداء مقابل حفنة شهرية من الريالات المدنسة؟
وبرغم إدراك الكثير منهم لهذا الطريق المعوج وتأثير الارتهان في إضعاف البلد، لكنهم مصممون على البقاء محشورين داخل ثوب الأسرة السعودية، ومقتنعون بالفتات الذي يوهب لهم، غير آبهين لما يحصل للوطن وللشعب بعد ذلك.
لقد فضحت الحرب كل الخونة والعملاء، فأحيقت بهم عقوبة الدهر، ومزقهم الله شر ممزق نتيجة لممارساتهم المتلونة طيلة عقود، وتماهيهم ومهادنتهم للظلم دون وقوف حقيقي، بل كل دأبهم كان يتوقف عند التقاسم وحصولهم على بعض مناصب، مع التأكيد أن مشائخهم وأعمدتهم العسكرية كانوا هم النافذين الحقيقيين في الدولة، أقصد بيت الأحمر وفرعونها علي محسن.. كثير من الشباب العاطلين توجهوا نحو مأرب بغرض الحصول على المال السعودي أو السلاح، وأعرف من ذهب ونيته ذلك وقتل قبل أن ينال شيئاً.. استطاعت المملكة خلال سنوات سابقة شراء الكبار، وهؤلاء الكبار يمارسون حالياً شراء الصغار ممن لا هدف لهم سوى سد رمق الجوع لا غير، يجلبونهم من كل مكان لتقديمهم قرابين لمعبد الشمس.
هناك نقطة مهمة لا يدركها العبيد المعتقون في الشحت والعمالة، وهي أن تحقيق الغايات العظيمة لا يمكن أن تأتي من بوابة الارتزاق وأسلوب الارتهان للغير، بل تصنع بأيدٍ متجردة ونفوس عفيفة معتمدة على الله، ثم الإنفاق من ذات نفسها وبما تظفر به من أهل الخير من أبناء بلدها لا غير، والمظلومين في شتى الأرض.
من تعودوا على العبودية للملوك وللطغاة، لا يمكن لهم في نهاية المطاف تحقيق شعلة مضيئة لبلدهم، فالعبيد لا يصنعون نافذة للنور، ناهيك عن وطن كامل الحرية.

أترك تعليقاً

التعليقات