كلمة ونص!
 

الكرار المراني

الكرار المراني / لا ميديا -

يعتبر الإعلام سلاحاً ذا أهمية قصوى، لا يقل أهمية عن القوة العسكرية، خصوصاً في الحروب، نظراً للدور الذي تقدمه وسائل الإعلام في التحشيد والتجييش وصناعة الوعي المجتمعي. لذلك من هنا تأتي أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام اليوم.
لكن الأمر مختلف في الواقع الإعلامي الوطني، الذي يعيش حالة من الترهل والتقليد، والبدائية أحياناً. بدا ذلك جلياً من خلال التناول السطحي للعملية العسكرية الكبرى "البنيان المرصوص"، التي لم تُعطَ حقها من التغطية والتناول والتحليل في وسائل الإعلام الوطنية المختلفة، مما انعكس على التناول الباهت للعملية في الإعلام الدولي والعالمي. 
إن ما حققته العملية النوعية من إنجاز عسكري كبير يعدُ انقلاباً على كل النظريات والاستراتيجيات والمعايير المتعارف عليها بالأكاديميات العسكرية، من خلال قلب موازين القوى في المعركة ذات الستة أيام، التي انقشع غبارها عن تحرير مساحة 2500 كم، من جبهة "نهم" ذات المنطقة الجبلية صعبة التضاريس وبما تمتلكه من أهمية استراتيجية، وخطر حقيقي يهدد العاصمة صنعاء، لكن ذلك الخطر زال عندما تطهرت نهم بالكامل، وصولاً إلى مشارف محافظتي مأرب والجوف.
وفرض البواسل من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية معادلة عسكرية ناجحة، من خلال تحييد الطيران الحربي للعدوان، حيث وضعت مطاراته وموانئه وشركاته النفطية (أرامكو) في دائرة الخطر والاستهداف، عند الإقدام على شن غارات على مواقع الجيش واللجان. 
إن ما تحقق في عملية "البنيان المرصوص" غيَّر مجرى الأحداث، وأعاد رسم دائرة الخارطة العسكرية، وفق المسار التراكمي الناجح الذي تحرزه القوات المسلحة اليمنية وقيادتها الكفؤة.
لكن المؤسف حقاً، أن كل الوحدات والقوى والتشكيلات المختلفة، التي تتصدى لمواجهة العدوان، تتطور قدراتها، سواء في الجانب العسكري، أم العملياتي، أم السياسي، إلا الجانب الإعلامي، بقي في أواخر الصفوف، وذلك يعود لعدة عوامل أساسية، يمكن اختصارها في التالي:
أولاً: غياب الرؤية الإعلامية الموحدة، والمسار المحدد الذي يضع معالم الاهتمامات والأولويات، ويصنع نسقاً واضحاً في تناول الأحداث والوقائع وفق معطيات واضحة.
ثانياً: سيطرة الشللية، واعتمادها بدل الكفاءة والخبرة، وذلك بدا واضحاً من خلال سيطرة الأدعياء على أغلب على المؤسسات الإعلامية، وغياب الكوادر المؤهلة وتهميش الشباب المبدعين. 
ثالثاً: اعتماد سياسة الهوشلية، "ما بدا بدينا عليه"، من قبل القائمين على وسائل الإعلام، والعمل بمبدأ "الحاصل"، دون البحث عن الجديد ومحاولة الإبداع والتجديد.
هذا وتبقى عوامل أخرى، لكنها ليست بالأهمية والتأثير الذي تركته العوامل الثلاثة الرئيسية السابقة، التي حولت الإعلام إلى ساحة تجاذبات ومماحكات عبثية، ومعارك صغيرة هامشية، وأبعدته عن دوره الوطني الهام والمحوري، في صناعة الوعي الجمعي للمجتمع، وتحصينه من الغزو الفكري، والاهتمام بالإنجازات العسكرية والأمنية الكبيرة، التي لا تنال حقها من التغطية والدراسة والتحليل، عندما تترك هذه القضايا الكبرى، لصالح الاهتمام بصغائر الأمور. والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات