إسقاط رهانات الأعداء
 

الكرار المراني

الكرار المراني / لا ميديا -

لا رهان على الحرب والقوة في إزاحة أنصار الله من المشهد السياسي والاجتماعي. كل الخيارات العسكرية أثبتت فشلها في إزاحتهم واستئصالهم. ست حروب ظالمة كانت كفيلة بسحقهم وإبادتهم، لكن الواقع كان غير ذلك. 
خرجت الحركة الفتية والشبان المنتمون لها من تلك الحروب أكثر عدة وعتاداً وأقوى إرادة وإصراراً في مواصلة النهج الذي رسمه القائد المؤسس، السيد حسين بدر الدين الحوثي وعمده بدمه في دلالة واضحة على أهمية المشروع. 
السلطة آنذاك والعالم أجمع تحرك لإيقاف ذلك المشروع القرآني، خدمة للمشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، الذي عرف خطر وأهمية ما يحمله الشهيد القائد، من رؤية وفكر تنويري توعوي يهدف إلى انتشال الأمة الإسلامية من واقعها المأساوي. 
استمر المشروع القرآني في التوسع والانتشار وفشلت كل تحركات السلطة في إيقافه، حتى بعد استشهاد المؤسس والقائد، بل ازداد توهجاً وانتشارا حتى غدا ملاذاً لكل الأحرار والشرفاء من أبناء الشعب اليمني.
اليوم بعد عقدين على هذا المشروع القرآني التنويري، أين أصبح؟ وكيف غدا واقعه على الساحة، وثأثيره على الإقليم والعالم؟ 
إن كل ما تحقق كان بفضل الله، ولوجود عاملين أساسيين في الصراع: القيادة الحكيمة، والمشروع القرآني الواعي الذي يضمن للأمة الخروج من واقعها المسأوي. 
بدأت تتبلور الرؤية للمشروع عندما أطلق الشهيد القائد ذلك النداء حين قال: "أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد -بإذن الله- ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم -إن شاء الله- في مناطق أخرى: الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".
أطلق هذا الشعار، وهو لا يمتلك أدنى مقومات الانتصار، في مواجهة الأعداء، لكنه كان يدرك أهمية وخطوات المرحلة التي تمر بها الأمة، من استعباد واستبداد، من قوى الشر والطغيان (أمريكا و"إسرائيل")، لذلك فإن المسؤولية التي تقع على عاتقه في تحذير أبناء هذا الشعب والأمة من الخطر المحدق بها كانت تحتم عليه أن يتحرك. 
لم يقصر أو يتهاون أو يتخاذل، وهو يعرف عاقبة الأمور، فتحرك بكل جد واجتهاد إلى التحذير من خطورة أهل الكتاب على الأمة الإسلامية، وبدأ في تنظيم مجالس التوعية والإرشاد عبر المحاضرات والاجتماعات التي تستنهض الأمة لتخرجها من سباتها وتعمل ما بوسعها في مواجهة الأعداء الذين يحيكون لها المؤامرات. 
عندها كان لذلك التحرك العملي العظيم أثره، لأنه جاء لإخراج الأمة من حالة التيه والخذلان التي كانت تعيشها في ظل حكام الجور وخدام الأعداء الذين حذرنا الله منهم ومن أن نسير على ركبهم.
اليوم وبعد 19 عاما من انطلاق هذا المشروع، الذي فشل العالم أجمع في إسقاطه، فأقول حان الوقت لكل العقلاء في الأطراف السياسية الأخرى المناوئة لأنصار الله أن تعيد حساباتها تجاه هذه الحركة وقائدها وقاعدتها الشعبية الواسعة، ويأتوا إلى كلمة سواء من أجل وطن اسمه اليمن، يضم الجميع ويتشارك الجميع في بنائه وحكمه، بعيدا عن التبعية والعمالة للخارج، فعصر الوصاية انتهى إلى غير رجعة، واليمن لا يمكن أن يعود كحديقة خلفية للجيران، وميدان للصراع وتصفية الحسابات. ولا خير للجميع في غير ذلك.

أترك تعليقاً

التعليقات