خليل العُمري.. القلم الذي لم ينكسر
- الكرار المراني الجمعة , 7 نـوفـمـبـر , 2025 الساعة 9:12:38 PM
- 0 تعليقات

الكرار المراني / لا ميديا -
رحل الصديق الأعز وأستاذنا الحبيب خليل العمري، مساء البارحة (الأحد). لساعات لم أستوعب الخبر. راجعت كل رسائلنا وحواراتنا، وعادت بي الذكريات إلى بداية معرفتنا إبان الحروب الست على صعدة، وتواصلنا وإمداده ببعض المعلومات، فقد كان صوت الحقيقة، رغم قسوة الجلاد يومها. لذلك، لم يغب صوته اليوم. غاب الجسد؛ لكن الكلمة بقيت واقفة كما تعوّدناها منه، لا تعرف الركوع، لأنه من أولئك الرجال الذين يولدون ليحملوا همّ الوطن فوق أكتافهم، لا ليركبوه سلماً إلى مجدٍ شخصي، بل ليكونوا سنده في زمن الانكسار.
لقد كان «الخليل» مدرسةً في الصدق، لا يكتب إلا ما يؤمن به، في عالمٍ امتلأ بالمساومات والضجيج. كان صوته نادراً كقطرة نقاءٍ في صحراء الخداع. فلم يكن مجرد صحفي، بل كان مشروع صوت عالٍ للوطن والمواطن، وضمير أمةٍ أرهقها الصمت.
كتب بحبرٍ ممزوجٍ بالوجع والحب. فكل مقالةٍ له كانت موقفاً، وكل موقفٍ كان جبهةً في معركة الكلمة. قاوم الباطل بالحجة، والفساد بالصدق، والتزييف بالإصرار. لم تُغره المناصب، ولم تُرهبه التهديدات، بل ظلّ صامداً كجبل الأقروض، مسقط رأسه، الذي يشبهه في الصلابة والشموخ.
حين خان الكثيرون الكلمة، ظل هو وفيّاً لها كالعهد الأول. كان يرى في الصحافة رسالةً أخلاقية، لا مهنةً تُدار بالمال والمصالح. لذلك أحبّه الناس، واحترمه الخصوم قبل الأصدقاء؛ لأنه كان يقول ما يعتقد، ويدافع عما يراه حقًّاً، مهما كانت الكلفة.
رحل «خليلنا» الصادق الوفي وترك فراغاً لا يُملأ، فغيابه ليس فقدان شخصٍ فحسب، بل غياب ضميرٍ كان يُذكّرنا كل يوم بمعنى أن تكون إنساناً حرّاً. كان وجيهاً في تواضعه، قوياً في مواقفه، نقياً في انتمائه، يكتب وكأنه يؤدي صلاةً صادقة أمام الله والوطن والقائد.
مُعلمنا الأصدق والأنقى والأرقى والأوفى... لن نرثيك بالكلمات، التي أنت أكبر منها، بل سنواصل ما بدأتَه؛ نكتب بالحبر الذي علمتنا ألا يجف، ونتمسك بالموقف الذي تركته لنا وصيةً باقية: ألا يصمت القلم الحر والضمير الحي مهما اشتدّ الظلم وقسا الظالم!
نم قرير العين فارس الكلمة الحرة، فما زال صوتك يصدح في ضمير الوطن، وما زالت كلماتك تسكن فينا كنبضٍ لا يخبو.
لقد رحلتَ واقفاً كما عشتَ، شامخاً لا تهاب الريح، وصادقاً لا تعرف المساومة.
لروحك الرحمة والخلود والرضوان، وجعل الله مثواك الجنة مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وخلّد ذكراك في سجلّ الأحرار الذين لم يبيعوا الحقيقة يوماً، يا أشرف الرجال.
برحيلك فقد الوسط الإعلامي والصحفي أجمع علماً من أعلامه، وأحد رموزه الأفذاذ.










المصدر الكرار المراني
زيارة جميع مقالات: الكرار المراني