الكرار المراني

الكرار المراني / لا ميديا -

قدّم الرئيس الشهيد صالح الصماد أنموذجاً راقياً جداً في تحمل المسؤولية وإدارة الدولة والجمع بين الفرقاء السياسيين وتفعيل أجهزة مكافحة الفساد، واستطاع تلمس معاناة المواطن وعمل على تخفيفها.
إن المتابع لمسيرة الرئيس الصماد، منذ توليه زمام الأمور كرئيس للمجلس السياسي الأعلى، يرى عظمة المشروع الذي كان يحمله الشهيد من خلال تحمله للمسؤولية في ميدان العمل، والإنجازات التي حققها في الصناعات العسكرية والجانب العسكري بشكل عام، الذي حظي باهتمامه الكبير، إلا أن ذلك لم يؤثر في اهتمامه البالغ أيضاً ببقية القضايا، وخاصة مسألة بناء الدولة المدنية الحديثة.
كان الرئيس الصماد مغايراً لبقية الحكام السابقين، لأنه جاء من خارج المؤسسة العسكرية، لذلك كان حريصاً على بناء دولة مدنية يسودها النظام والقانون، وبدا ذلك من خلال ترسيخ تلك الثقافة الراقية لدى منتسبي الجيش والأمن، حيث قال لهم في أحد لقاءاته معهم: «عملية التعامل مع الناس وفق الدستور والقوانين، وأيضا احترام كرامة الناس والتعامل معهم بتكريم، مما يجعل الناس يرتاحون لذكر جهاز الأمن السياسي وجهاز الأمن القومي، عندما نحس أنهما جهازان يعملان على بث الأمن والطمأنينة، بعد أن كانا سابقاً يخدمان أجندة... البعض كان يتهيب إذا ذُكر له اسم جهاز الأمن السياسي. نحن نريد أن يرتاح الناس، أن تُبث الطمأنينة عندما يُذكر جهاز الأمن المركزي السياسي، لما يقوم به من دور في بث الأمن والاستقرار».
ولأن الرئيس كان يعرف مدى أهمية حفظ الحقوق والحريات فقد جاءت توجيهاته للأمن صارمة في حفظ الحقوق وسيادة القانون ومنع العمل بالأهواء والمزاجية وظلم الناس، لضمان الاستقرار والعدل بين أبناء المجتمع.
ولأن العدل والمساواة لن تتحقق إلا بمحاربة الفساد وإزاحة الفاسدين من مراكز القرار، فقد كان هناك توجه الصماد واضحاً وصريحاً نحو الشفافية والوضوح في الرقابة والتحقيق مع المسؤولين، حيث يقول: «عندما تتحرك الأجهزة المعنية لتقوم بدورها وتتحقق من كل القضايا التي تطرح وكل القضايا التي فيها خلاف، فينبغي ألا يكون هناك تحسس. وأي وزير، أو أي رئيس، أو أي عضو في المجلس السياسي أو في الحكومة، يتحسس من الشفافية ومن النزاهة ومن المساءلة، فليذهب غير مأسوف عليه. على كل الأجهزة الرقابية أن تنزل وتتحرك وتقوم بدورها. ومن يعترض طريقها نعد يقيناً ألا يمر على اعتراضه 24 ساعة إلا وقد رحل، غير آبهين له، كائناً من كان».
توجيهات الرئيس الصماد لتفعيل الأجهزة الرقابية وإسنادها، مثلت توجهاً عملياً وصادقاً لمحاربة الفساد والمفسدين، وكان له أثره في الميدان، لأنه كان من واقع إحساس بالمسؤولية ولا يداهن أو يجامل أحداً.
لقد قدم الشهيد الصماد خلال الفترة القصيرة التي أمضاها على رأس الدولة دلائل وشهادات عملية على عظمة المشروع الذي كان يحمله، وتجسده مقولته الشهيرة التي أطلقها قبل استشهاده بـ10 أيام: «دولة للشعب لا شعب للدولة»، وذلك ما كان واضحاً من خلال تحركاته المسؤولة وعمله الدؤوب من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة.
إن قيادتنا السياسية اليوم في أمسّ الحاجة إلى مواصلة تلك التجربة الفريدة التي اختطها الشهيد الصماد، على قاعدة "يد تبني ويد تحمي"، من أجل بناء دولة مدنية حديثة يسودها النظام والقانون، دولة قوية تتحقق فيها العدالة والمساواة لكل اليمنيين.

أترك تعليقاً

التعليقات