القيادة الحكيمة
 

الكرار المراني

الكرار المراني / لا ميديا -

"نسعى لتثقيف أمتنا ثقافة القرآن الكريم، وتناول واقعها ومشاكلها من منظور قرآني وتقديم الحلول من خلال ذلك، والثقافة الصحيحة قادرة على بناء أمة عظيمة وقوية لا يستطيع أعداؤها كسرها، كما أن الطريق لإصلاح واقع الأمة هو إصلاح أبنائها، وإصلاحهم يأتي عبر الثقافة الصحيحة البناءة، التي تبني المجتمع وتبني الحياة وتجعل تعاطي المجتمع مع الحياة عموماً". "كما أن طرحنا الثقافي ملتصق بالهموم الكبرى لأمتنا ومشاكلها، وندعو الجميع للاطلاع عليه كاملاً، بتأمل وإنصاف، والدخول معنا في حوار قبل الحكم علينا".
هذا الكلام لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، قبل أكثر من 13 عاماً، رداً على سؤال: ما هو الهدف الرئيسي الذي تسعون لتحقيقه؟
هذا الجواب إنما يكشف عظمة المشروع القرآني الذي يتحرك على أساسه، وهو الذي واصل الطريق بعد استشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي في الحرب الأولى عام 2004م.
ظهرت شخصية السيد القائد خلال الحروب الست التي خاضها ضد همجية النظام السابق على أبناء محافظة صعدة، بدءاً من الحرب الأولى التي أبلى فيها الشاب المجاهد بلاءً حسناً، مروراً بالثانية والثالثة، لتأتي الحرب الرابعة وتكون بداية التحول في الحياة ومجرى المواجهة مع السلطة تحت قيادة السيد عبدالملك الذي بدأ يقلب الموازين رأساً على عقب، على رؤوس الأعداء والمتربصين به وبالحركة التي يقودها، فحقق عديد الانتصارات، ثم أدار الحرب الخامسة بقوة واقتدار، ما اضطر النظام إلى وقف الحرب بعد أن وصل إلى طريق مسدود.
ومع استمرار الخروقات والمضايقات بحق المواطنين اندلعت الحرب السادسة، وكانت المفاجأة في صمود أنصار الله وتحقيقهم الانتصارات رغم قلة الإمكانيات والعتاد، لتدخل السعودية هذه المرة على الخط ويضاف خصم وقوة جديدة، لكن ذلك لم يمنع القائد ورفاقه المقاتلين من خوض المغامرة والمواجهة بنجاح، وتمكنوا من اختراق العمق السعودي وإسقاط عشرات المواقع السعودية، حينها لم يجد الأعداء مخرجاً إلا إيقاف حربهم الظالمة.
إن كل تلك الحروب والأحداث هي التي صقلت شخصية السيد القائد، وأظهرت مدى حكمته ورزانته وقوة شكيمته وشجاعته، متقدماً على خصومه بالسماحة والعفو بحق كل من حاربوه، لتتجلى بذلك عظمة المنهج والمشروع الذي يسير عليه، وهو ما كان له ثماره في واقع الحياة، تجسد في اقتداء الناس بالقائد، وهو يستنهض الهمم للمواجهة واستشعار الخطر المحدق بالجميع من قبل قوى الاستكبار والطغيان وأدواته العميلة في المنطقة.
كان أنصار الله أول من لبى نداء الثورة وخرجوا إلى ساحاتها في 11 فبراير 2011م، مع كل أطياف الشعب، متسامين فوق جراحهم، لتغيير نظام الحكم الفاسد والظالم، وبعد أن غدر بهم الآخرون، وذهبوا لتقاسم كعكة السلطة مع النظام الذي كانوا جزءاً منه، بقي الأنصار صامدين في الساحات، ليأتي الخلاص عشية 21 أيلول/سبتمبر 2014م، بثورة شعبية حقيقية على قوى العمالة والارتهان، لتكون أول ثورة تدعو إلى الشراكة بدل الزج بالسلطة ورموزها في السجون ومحاكمتهم، دعت للشراكة مع كل الفرقاء السياسيين، توج بالتوقيع على "اتفاق السلم والشراكة" الذي حظي بمباركة إقليمية ودولية.
لم يرق للأعداء المتربصين باليمن من جيران السوء ودول الاستكبار، أن يروا اليمن ينتزع قراره السيادي ويستقل به، ليظهروا للعلن نواياهم الحقيقية معلنين عن عدوانهم الهمجي في 26 مارس 2015 م، ليدخل البلد بعدها منعطفاً خطيراً هو بداية التحول في الصراع مع قوى العدوان الظالم، عندها ظهر القائد في أول خطاب بعد العدوان على اليمن قائلاً: "اليوم وبعد هذا العدوان الغاشم الظلوم وبعد هذا الاستهداف الآثم والبشع والقبيح والإجْرَامي وَغير المبرر إطلاقاً، وبعد هذا التوجه بهذه الكيفية، حصار وتجويع وقتل وخنق 24 مليوناً، شعبنا اليمني أعظم عزماً، وأكثر إصراراً وتصميماً على الدفاع عن نفسه، الدفاع عن حريته، الدفاع عن كرامته، لن نقبل كشعب يمني أن نقتل، وأن يعمل الآخرون على إماتتنا جوعاً وحصاراً، وأن نجلس في بيوتنا مكتوفي الأيدي، خانعين وأذلاء، هذا غير وارد، في اليمن هذا غير وارد"، وهذا ما أثبتته الأيام بعد 5 سنوات من العدوان الهمجي.
اليوم وبعد دخولنا العام السادس من العدوان، ونحن أقوى عدة وعتاداً، بعد أن أصبحت صواريخنا الباليستية وطائراتنا المسيرة تصل عمق العدو السعودي وتضرب قصوره ومنشآته النفطية، كل ذلك ما كان ليتحقق لولا عناية الله وحكمة وحنكة قيادة الثورة وعملها الدؤوب لتحقيق هذا التفوق الأقرب للمعجزة.
من هنا تبرز عظمة السيد القائد في إدارة المعركة والتحكم بمجريات الميدان والتحول من الدفاع إلى الهجوم، هذا الإنجاز والتفرد لم يكن ليأتي من فراغ، بل من واقع تجربة وتفرد تميز بهما ابن اليمن وقائد لوائها للتحرر والاستقلال بعظمة المشروع القرآني الذي رسمه الشهيد القائد وعمده بدمه الطاهر.

أترك تعليقاً

التعليقات