عبدالرحمن العابد

عبدالرحمن العابد / لا ميديا -
لقد صُدمنا لاستشهاده رغم أن هذا كان أمراً متوقعاً.
ربما ترسخت فينا عبر السنين فكرة عدم القلق عليه، بفضل الثقة الكبيرة التي زرعها فينا والثبات والطمأنينة التي منحنا إياها، حتى نسينا أنه كان الهدف الأول لهم، فمن المعروف أنه كان مهدداً بالاغتيال طوال حياته، ونعلم أنهم كانوا يتمنون الوصول إليه كل ساعة على مدار اليوم طيلة الثلاثين عاماً الماضية.
عبر العقود، كنا نشعر بالأمان عندما يظهر علينا عبر الشاشات بابتسامته المحببة وطريقة حديثه التي تتنوع بين الفصحى واللهجة العامية اللبنانية حسب الموضوع الذي يتناوله، تسحرنا طرائفه وفكاهاته على قيادات العدو الصهيوني، الذين جعل منهم مسخرة وغير طريقة تفكير الشارع العربي التي كرسها الإعلام بأنهم دهاة وأقوياء لا يمكن هزيمتهم. نظل نراقب حركات إصبعه عندما يحذر الأعداء، ونشعر بالقلق إذا طال غيابه، نتيجة تراكم الحرب النفسية التي تدار على العالم العربي، فيأتي ويحللها ويفندها ويبسطها وتزول الغمة عنا.
لذا، تعاملنا مع وجوده كأنه يعيش حياة طبيعية، بل وكنا نستمد منه الأمان الذي يفتقر هو إليه، وغاب عن أذهاننا أنه كان هدفاً دائماً لمحاولات الاغتيال.
ما يخفف عنّا حزننا أمام من يشمت اليوم، هو أننا ومنذ أكثر من 15 عاماً نطحنهم تحت أقدامنا كما يُطحن الدقيق. والله، ما تركنا فيهم شيئاً لم نتسلَّ به!
هزمناهم في كل معركة دارت بيننا بكل سهولة ويسر، وكأننا في مباراة كرة قدم.
أذقناهم الويلات حتى أصبحوا غير قادرين على التفكير أو التنفس، أو حتى تمييز الألوان!
شتتناهم شرقاً وغرباً، وأحصيناهم مثل الأرقام في دفتر الحضور.
كان لنا معهم في كل يوم وليلة صولات وجولات، ومن لم نُزِله في المعركة، عذبناه بمناسباتنا وفعالياتنا، بدءاً من يوم الولاية وحتى المولد النبوي... هل تذكرون تلك الاحتفالات؟
حين لم يجدوا ما يفرحهم من صنع أيديهم، أظهروا وجوههم القبيحة وأعلنوا انحيازهم الكامل للصهاينة.
فإذا افتخروا بما فعلوه اليوم، فنحن نحتفظ بذاكرة مليئة بالصور السعيدة، بدءاً من دماج وحتى رحلاتنا السفاري السريعة إلى العاصمة صنعاء.
فرحتنا تخطت الحدود المحلية، وكأنها جواز سفر عالمي!
توعدونا بالاجتثاث، ورجال الله أذاقوهم بأسهم في كل أرض حطوا رحالهم متوعدين ومتحلفين باجتثاثنا، فاجتثوهم من اليمن وسورية والعراق، ولا يزال القادم أعظم!
لا خوف علينا، فنحن كالعشب الذي ينمو مجدداً بعد الحصاد.

أترك تعليقاً

التعليقات