عبدالرحمن العابد

عبدالرحمن العابد / لا ميديا -
تنوقلت أنباء عن تصعيد إماراتي مرتقب في حضرموت رداً على التحركات السعودية، حيث أعلن «المجلس الانتقالي الجنوبي» عن تصعيد ميداني بمحافظة حضرموت في ظل تطورات متسارعة للصراع المحتدم بين القوى الإقليمية.
تتسابق القوى الجنوبية، بمختلف مشاربها السياسية وولاءاتها الإقليمية، على حشد المزيد من الشخصيات، التي كانت تمثل يوماً ثقلاً سياسياً، إلى صفوفها؛ لكن هذه القوى العتيقة، التي لم تتمكن من فرض نفسها شعبياً وسياسياً، تغرق في المزيد من الوحل، واختارت الانكفاء على صراعات الماضي رغم ما يلقي من ظلال على المستقبل.
ويحاول المجلس الانتقالي (وليد اللحظة) الاستفادة من تفكك تيارات الحراك والدعم الإماراتي، للظهور بصورة المسيطر على الجنوب.
وتحضر في الجنوب أطراف أخرى، كأحزاب المؤتمر والإصلاح والاشتراكي. الأول أصبح كوادره وعناصره جزءاً لا يتجزأ من «الانتقالي»، والأخيران منضويان في إطار حكومة المرتزقة. وجميعهم لا يخفون دعمهم للقضية الجنوبية، بدليل إعلان اشتراكي عدن انفصاله عن اشتراكي صنعاء، وتشكيل الإصلاح قيادة جديدة لكتلته البرلمانية مناصفة بين الشمال والجنوب، لكنهما يجاريان الوضع لا أكثر، ويستفيدان بحكم خبرتهما الطويلة في السياسة من نقاط ضعف الأطراف الناشئة.
أما المؤتمر في الجنوب فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، بموافقته على التطبيع مع «إسرائيل»، على غرار «الانتقالي»، تنفيذاً لتوجيهات الراعي الإماراتي.
كما تتعدد التيارات السياسية في الجنوب، فيبرز حراك الشنفرة والمعطري في الضالع، والهيئة الشعبية السلفية في عدن، وحراك شبوة، ومؤتمر حضرموت الجامع، أضف إلى ذلك مجلس أبناء سقطرى والمهرة، وأخيراً برز حلف قبائل حضرموت الممول سعودياً واستطاع أن يخطف الترند.
أغلب تلك التيارات ترفع سقف الانفصال واستعادة الدولة الجنوبية كشعار لها؛ لكن تلك المطالب تتماهى مع ما يفرضه العدوان؛ فـ»الانتقالي»، الذي رفع في بدايته شعار استعادة الدولة، تراجع عنه أكثر من مرة، وحتى دعوته الأخيرة إلى الانفصال لم تكن سوى قشة للتمسك بمقعد في المفاوضات التي تصارع العديد من القوى على تمثيل القضية الجنوبية، والقوى الحضرمية باتت تتماشى مع مساعي السعودية، اليد العليا في المحافظة، لفصل حضرموت عن الجنوب، وفي المهرة وسقطرى ترتفع أصوات تطالب بفصلهما عن المركز في حضرموت.
هذا التنوع يبقي الجنوب ممزقاً اجتماعياً وسياسياً، خصوصاً وأن العدوان اختار هذه القوى بعناية، وفقاً لمعايير صراع الماضي وجعلها كأداة تأكل بعضها، فهي التي لا تحضر إلا عسكرياً وفي حدود صراع مرسوم مسبقاً تجذر تاريخياً منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما بدأت بذوره تنمو على واقع صراع الفرقاء الجنوبيين على السلطة من طغمة وزمرة الماضي.
يلي ذلك حرب 7/7 التي ساهمت هي الأخرى في توسيع الشرخ القائم واستغلال البعض لها، وانضواء من شاركوا فيها مؤخراً للمشهد المرتبك جنوباً، ليزيدوا استغراب متابعيه.
واقعياً، فإن هذه التكتلات والصراعات المتشعبة تساعد العدوان في فرض أجندته في الجنوب، التي بدأت ملامحها بتدشين السعودية إقليم حضرموت، رغم معارضة الإمارات. لكن الحقيقة المُرة التي لم يدركها الفرقاء الجنوبيون أن جميع تشكيلاتهم العسكرية لا تدين بالولاء لهم إلا من بوابة التوجيه السعودي – الإماراتي، الذي يستند بحضوره في الجنوب إلى التيارات السلفية والجماعات التكفيرية المرتبطة بها، والتي عمد التحالف منذ دخوله عدن إلى ضم عناصرها إلى قوام «جيش هادي» وفصائل «الانتقالي»، وأصبحت تدير الجنوب من الباطن، بتأكيد من تقارير غربية نقلت عن ضباط إماراتيين اعترافهم بتجنيد تلك العناصر لأبعاد استراتيجية، وبإمكان هذه الجماعات قلب المعادلة كلياً.

أترك تعليقاً

التعليقات