سيناريو تخيلي بعد خيبة بيان الدوحة.. ما بين قمة الأربعة وقمة الخمسين
- عبدالرحمن العابد الخميس , 18 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 6:24:07 PM
- 0 تعليقات
عبدالرحمن العابد / لا ميديا -
قاعة القمة في الدوحة امتلأت بخمسين ملكاً ورئيساً وأميراً. جيوشهم بالملايين، وخزائنهم بالمليارات، وترساناتهم تعجّ بأحدث الأسلحة...
لكن، وسط هذا الحشد لو وقف أربعة فقط: قائد من أنصار الله، وقائد من حماس، وثالث من حزب الله، ورابع من الحشد الشعبي؛ أربعة لا توجد معهم في الأمم المتحدة مقاعد، ولا في بنوك سويسرا حسابات، لكن مجرد صورهم على الطاولة ستكون كافية لتهزّ عواصم القرار.
البيان لو صيغ ببصمة الفكر الذي ينتمي له هؤلاء الأربعة لقرأه العميد يحيى سريع بصوته المحبب للملايين في دول العالم، متضمناً القرارات التالية:
- إنشاء غرفة عمليات مشتركة لدعم غزة.
- الردّ الفوري على العدوان في قطر وصنعاء.
- مقاطعة اقتصادية شاملة لمنتجات الكيان وداعميه.
- فتح مسارات الدعم العسكري والسياسي.
- فتح معسكرات التدريب لاستقبال المتطوعين من كل الدول العربية والإسلامية.
- وأخيراً إرسال رشقات صاروخية وغارات جوية فورية في الليلة نفسها على «تل أبيب» لتأديبهم.
أثناء عقد القمة، واشنطن ستستدعي سفراءها لتدارس الوضع على عجل. باريس وبرلين سترسلان التحذيرات عبر القنوات السرية. ولندن ستصف المشهد بأنه انقلاب استراتيجي على قواعد اللعبة التي كانت أول من صنعها... وسيقول الإعلام الغربي: العرب أنشؤوا «ناتو مقاوم»! كأنه لا يحق لغيرهم التضامن والتكامل.
في «تل أبيب»، سيتابع المستوطنون القمة العربية والإسلامية من داخل الملاجئ، والحفاضات ستوزَّع عليهم دون سقوط صواريخ هذه المرة.
وفي اليمن، حيث السبق في التضحية والدعم والإسناد، ستكون هناك دعوة استثنائية من اللجنة المنظمة للاحتشاد في يوم القمة، وسيخرج الملايين إلى الساحات كما يفعلون كل جمعة.
احتشاد مليوني سيردّد الهتافات لدعم المقاومة والقيادات العربية لموازاة تطلعات الأمة، ويُطلّ قائد أنصار الله على المشاركين في القمة بكلمة متلفزة عبر الشاشة وتُذاع على الجماهير المحتشدة يتحدث فيها بما سبق أن أكده: «هذه قمة أفعال لا بيانات؛ قمة قرارات تُترجم في الميدان. إذا اجتمع المقاومون مع الملوك والرؤساء وساروا على أمر الله، فإن إسرائيل في طريقها إلى الزوال».
بعد اليمن سيأتي المشهد العربي والإسلامي الأوسع: خروج جماهيري مساند من جاكرتا إلى القاهرة، ومن عواصم الخليج إلى المغرب العربي... ستتحول الشوارع إلى بحار بشرية.
شعوب طالما مُنعت من التظاهر مع قضاياها المركزية، ومن بينها قضية فلسطين، حُرمت من التضامن مع إخوتهم في غزة، ستجد نفسها فجأة في قلب التاريخ، ترفع الأعلام وتهتف للحرية وإنهاء الباطل ومن تسبب فيه، فالجدران التي كبّلتها لعقود انهارت دفعة واحدة.
الغرب لن يقف خارج الصورة: الطلاب في الجامعات الأمريكية الذين قُمعت اعتصاماتهم سيعلمون أن قهرهم ودموعهم لم تذهب سدى. البرلمانيون الأوروبيون الذين صدحوا بأصواتهم متحدّين حكوماتهم سيرون صوابية مواقفهم. المسؤولون الذين ضحوا بمناصبهم بالاستقالة سيجدون أن تضحياتهم لم تكن عبثاً. المؤثرون وصنّاع المحتوى الذين ناضلوا بالصورة والكلمة مع غزة سيشاهدون أن جهدهم لم يكن ضوضاء على الإنترنت كما كان يقال عنهم. وهناك، ستقف فرنشيسكا ألبانيزي لتعلن أن صرختها ضد الظلم وصلت، وأن معركتها لم تكن وحدها... ستتوحد الإنسانية كلها ضد أعداء الله والإنسانية.
لكن للأسف، في المحصلة: قمة الخمسين امتلكت الجيوش والأموال ولم تُنتج ذرة ردع. اجتمع من ينطبق عليهم القول: «حاميها حراميها».
لكن لو تمت قمة الأربعة، نعم، بإمكانيات محدودة مع إرادة صلبة، كانت ستصنع ما عجز عنه الجميع؛ فالردع ليس في العدد ولا المال، بل في صدق الموقف والإيمان بالقضية.
المصدر عبدالرحمن العابد
زيارة جميع مقالات: عبدالرحمن العابد