صراع النقاط لا الضربة القاضية
 

إيهاب زكي

إيهاب زكي / لا ميديا -
إنّ الإعلان الأمريكي، بصفته الأصيلة بالحرب، جعل الحرب أقصر، وهو بذاته فرض إيران على العالم لاعبًا دوليًا مهابًا ومقتدرًا، وسيكون لهذا تداعيات على عالم القطب الواحد ومجمل الصراع مع الكيان.
لم يكن يتوقع انهيار الجمهوريــــــة الإسلاميـة فـي إيـران، خـلال ست ساعات من بدء العدوان، سوى الخلايا الميتة في دماغ نتنياهو؛ وقد يكون المهرّج ترامب مقتنعًا بذلك. هذان النرجسيان الصبيانيان يتشابهان كثيرًا، على الرغم من وجود اختلافات عميقة بينهما في القدرات والإمكانات التي يمتلكانها، ولكن نفسيًا هما بحاجة إلى كثير من المخابر والفحوصات السريرية.
قد يكون الخامس من يونيو/ حزيران في العام 1967، داعب خلايا دماغ نتنياهو الميتة لإسقاطها على الحال الإيرانية، وقد تكون عملية «البيجر» في لبنان واغتيال قيادات حزب الله ضخمت، ما آثار عملية الإسقاط تلك، وبالطبع إسقاط سوريا كان عاملًا رئيسيًا في تلك الخيالات.
بعد مكالمة استمرت أربعين دقيقة بين نتنياهو وترامب، كان العدوان على إيران، وهي كانت المكالمة الفاصلة التي تلقى فيها نتنياهو أوامر الهجوم على إيران. وهذا يتطابق مع ما قاله المستشار الألماني: «إسرائيل تقوم بالأعمال القذرة نيابةً عنّا».
مع توفير الإمكانات والقدرات الأمريكية كلها، سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا ولوجستيًا، قام الكيان بذلك العدوان. واعتقد ترامب، مباشرةً بعد انتهاء الضربة الأولى، أنّ الأمر قد حُسم، كما دلّت صفاقة تصريحاته وبهلوانيتها. كذلك ظنّ نتنياهو حين انتفخت أناه العمياء، وبدأ يمنّي النفس بجوائز مادية ومعنوية وانتخابية من كل حدبٍ وصوب. لكن سرعة إيران الدولة في استعادة توازنها وقدرتها الهائلة في امتصاص الضربة، غيّرت الحسابات والتوجهات على الرغم من الإصرار على المكابرة، فالطرف الذي أُنشئ للقيام بالأعمال القذرة، لم يعد قادرًا على الوفاء بوظيفته، وبات بحاجةٍ إلى المساعدة، في توسيخٍ مباشر لأيدي الأصيل.
هذا ما استدعى تدخلًا أمريكيًا معلنًا وليس مباشرًا، فمصطلح «مباشرًا»، هو مصطلح مخادع، فهذه حربٌ أمريكية مباشرة وغير مباشرة، لكنها غير معلنة، والتدخل يكون فقط بمثابة إعلان للطرف الرئيسي في العدوان والحرب.
لقد كان التدخل الأمريكي بمثابة عملية تجميلية لمحاولة الخروج بادعاء نصرٍ، مع أقل حجمٍ ممكن من الخسائر. ولكن هذا كان يتطلب ردًا إيرانيًا حاسمًا من غير تردد، حيث كان الردّ الإيراني كافيًا لإيصال رسالة من بندين إلى الإدارة الأمريكية: البند الأول أنّ يدنا طويلة وقادرة، أمّا البند الثاني فهو أنّ إيران لا ترغب بحربٍ شاملة لن تربحوها. سارعت أمريكا لالتقاط الرسائل والعمل على وضعها موضع الاختبار العملي، فأجرى ترامب اتصالًا بنتنياهو، أعلمه فيه عن وقف الحرب وما عليه سوى الالتزام، كما كانت إيران ترفض تراتبية ترامب لتوقيتات وقف النار، وأصرت وماتزال على أن تكون هي صاحبة الطلقة الأخيرة، بمعنى أنّها ستذهب إلى أيّ مفاوضات مقبلة ويدها على الزناد.
إنّ الإعلان الأمريكي، بصفته الأصيلة بالحرب، جعل الحرب أقصر، وهو بذاته فرض إيران على العالم لاعبًا دوليًا مهابًا ومقتدرًا، وسيكون لهذا تداعيات على عالم القطب الواحد ومجمل الصراع مع الكيان. لذلك؛ كان هذا خيار الأطراف الأفضل، من أخذ العالم إلـــــــــى تداعيات لا يمكن تداركها -كما قال المرشد الأعلى للجمهورية والثورة في إيران الإمام السيد علي الخامنئي- وستظل هذه جولة من جولات صراع النقاط لا الضربة القاضية، بحسب نظرية سيد شهداء الأمة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله.

أترك تعليقاً

التعليقات