زياد السالمي

يُعدُّ القانون اليمني من أكثر القوانين إيضاحاً وتفصيلاً حول دور مأموري الضبط القضائي عن غيره من القوانين في الدول الأخرى؛ يقتضي تفعيله فقط؛ وهنالك وفي هذا الصدد استجابة لتوجه الدولة ممثلةً بفخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى، وإيكال المهمة لوزارة العدل ممثلةً بمعالي وزير العدل. 
ومن جانب توعوي لزم إيضاح بعض المواضيع المتعلقة بهذا الخصوص، أملاً بتقديم مأموري الضبط القضائي دورهم على أكمل وجه، وأهمها المبادئ الحاكمة لعمل مأموري الضبط القضائي، ومنها مبادئ أخلاقية (أخلاق العناية) تتمثل بثلاثة مبادئ أساسية لا يستقيم الدور إلا بها، وهي الرقابة الذاتية أو الرقابة الإلهية، إذ من الضروري نتيجة ما أفرزه الواقع المعاش نتيجة التراكمات الزمنية التي عمدت على هدم أخلاق الإنسان اليمني وضعضعة أخلاقه، واستفحال تلك الثقافة الخاطئة في المجتمع إلى درجة تلويث اللغة والمصطلحات حتى أصبحت نهجاً يمارس على الواقع، وأصبح الخطأ محل تفاخر بين مرتكبيه، ومنها على سبيل المثال في الجانب الضبطي (خالف تعرف؛ أحمر عين؛ بين إخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب؛.. إلخ)..
هنا ينبغي إذكاء الوازع الديني والأخلاقي لمواجهة هذا التلويث الذي أصاب المجتمع وأهل العناية؛ بإضفاء الرقابة الذاتية، أي استشعار الله في التصرف كخلق عناية يتحلى به مأمور الضبط، حتى يكون مأمور الضبط مؤهلاً لحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه أثناء أداء مهامه؛ فحال استشعار مأمور الضبط القضائي فناء أي تصرف يخالف القانون واللائحة، سيدرك قيمة التقيد بهما، ويسعى إلى تنفيذهما؛ ليس هذا فحسب، بل إن مأمور الضبط القضائي في ممارسة صلاحيته المنصوص عليها في القانون، تعد نوعاً من أنواع العبادة لله سبحانه وتعالى سيؤجر على تقيده بها دون إخلال أو تجاوز؛ وفي حال مخالفته وتجاوزه صلاحياته سيفقد نفسه وضميره وسكينته، مما سيجعله في وضع سلوكي ونفسيٍّ غير مستقر، أي سيعيش بجحيم الضمير في الدنيا، إضافةً إلى ما سينال من عقاب الله في الحياة الأخرى.
الأمر الآخر الذي ينبغي على مأمور الضبط القضائي التحلي به هو حب عمله وإخلاصه به وتفانيه أثناء الأداء وانضباطه بالقوانين واللوائح المنظمة لعمله؛ فالعناية الموكلة لمأمور الضبط القضائي عناية مهمة لتعلقها بحرية الأشخاص، وحمايته تقتضي منه أن يتخلق بالإخلاص والتفاني والانضباط باللوائح والأنظمة التي تُسيّر عمله وتحكمه، كما عليه أن يتحلى بحب العمل واحترامه حتى يُضْفَى على العمل والشخصية انسجامٌ ينعكس إيجاباً حال الأداء.
الأمر الثالث من أخلاق العناية هو استشعار مأمور الضبط القضائي المسؤولية الإنسانية تجاه المواطن والمشتبه به أو المشكو به؛ فحينما يعي مأمور الضبط القضائي أن من يمارس عليه صفة الضبطية هو إنسان مثله له حق المعاملة الحسنة، وبالتالي توجيه أدائه نحو السلوك وليس الشخص، مستشعراً وقوفه في ذات الموقف الذي يقف فيه المتهم؛ سيسعى جاهداً إلى التخلق الحسن في أداء واجبه؛ حتماً إن الممارسات التي تجرح كينونة الإنسان مرفوضة من قبل مأمور الضبط لو مورست عليه؛ حين يستشعر ذلك سيسعى جاهداً إلى تجنبها؛ ومن تلك الممارسات ابتزاز المتهم أو التحايل عليه أو الاعتداء على شخص المتهم مادياً أو معنوياً؛ عوضاً عن أنه سيتعرض إلى المساءلة القانونية (خطأ جسيم) قد ينزع عنه صفته الضبطية؛ إلى ذلك فالإنسان جوهرة عمل مأمور الضبط القضائي، وحمايته بريق هذه الجوهرة التي تقتضي المحافظة عليها، فيكون مأمور الضبط القضائي قد أسهم في إصلاح المتهم. كما على مأمور الضبط القضائي استقراء ما يقال عنه في الشارع حتى يتجنب تلك الإخلالات التي تؤدي إلى تشويه مأمور الضبط القضائي بصورة الدولة لدى المواطن، مما يولد قلقلة وفوضى وعدم هيبة الدولة.

أترك تعليقاً

التعليقات