جدتي تكتشف كذبات الإخونج!
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
يبدو أننا أيضاً في مجتمع التوصِيفات الجاهزة والأسئلة المتكررة التي لا تنفك تعيد نفسها بقوالبها السياسية والعنصرية البغيضة في أكثر من حدث وحديث، ولكن ما هو سيئ بالنسبة لي، أو بالأصح بالنسبة لعقلي، هو تلك الأسئلة التي لا تنُم ولو عن مِقدارٍ بسيط من الجُهد العقلي لأجل تفهُّمِها وبذل طاقة فكرية وحوارية في مناقشتها والوصول من خلالها لفكرة أو رأي مقنع ونتيجة.
أحدهم، وبكل صفاقة يتحدث في تعليق فيسبوكي عن أنه لا يجب أن يكون هنالك للمسيرة القرآنية أنصار في تعز! الأمر عنده أشبه بالتملك، تملك الأرض والإنسان معاً! وهو إذ يتكلم وفق هذا المنطق لا يتكلم إلا من عمق سياسة حزبه الإخونجي الذي أول ما سارعَ في بدايات العدوان إلى جعل تعز بمثابة متراس لمواجهته الخاسرة. يستغل الإخونج المدينة منذُ بدايات الحرب العدوانية وحُلمهم في ذلك هو أن الكثافة السكانية ستخلق لهم مُستقطبين صغاراً كُثراً ينطلقون منها في تنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم البائسة.
ففي نظر عقول حزب الإخونج ما يخيفهم من انتماء أبناء تعز للمسيرة، لأن ذلك يعني تفسخ أسطورة التقسيم المناطقية والدينية التي عجن وطبخ فيها الإخونج كثيراً لأجل ضمان عدم تقارب المسافات بين أبناء الدين الواحد والبلد الواحد. إن الموجع فعلاً بالنسبة للعقل هو أن يصبح تفكير من تبقى من أبناء تعز غير المدركين لمخططات الإخونج متماهيا مع أفكار ورؤى هذا الحزب.
هذا الكائن (الفيسبوكي) وأشباهه في حزب الإخونج هم الكارثة الحقيقية لتعز، فهو ثرثار وشخصية مُبتذلة ورخيصة، ذو مشاعر سيئة ومعادية بالنسبة لمن يشب عن طوق حزب الإصلاح وأفكارهم البغيضة، خصوصاً في تعز. والأمر بالنسبة له يكاد يكون عملياً أكثر. إنها ليست سوى وظيفة ومنطق عمل كُلِّف به كالآخرين من أشباهه في الحزب الذين تم توظيفهم لغرض الاستقطابات وتوسيع قاعدة الإخونج العسكرية والاجتماعية في المدينة.
في بدايات العدوان، أذكر ذات مرة في حديث مع جدتي في أحد أرياف الحجرية بتعز أنها حدثتني عن "الحوثة" أنصار الله بأنهم يستخدمون السحر ولديهم "دين ثاني وصلاة ثانية" وأنهم يحبون الإمام علي (سلام الله عليه) أكثر من النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله... وإلى آخر هذه الخزعبلات!
كانت في تلك الفترة تتناول شراب "الديلسي" مخدوعة من قبل أطفال القرية على أنه علاج مُهدئ لآلام المفاصل. بعد فترة اكتشفتُ أيضاً أن عقل جدتي ليس وحده من لديه هذا الاعتقاد، بل إن بعض العقول الشابة الطرية في القرية كانت تعتقد بما يفلسفه ويطبخه الإخونج.
تمر سنون من الحرب فتكتشف جدتي خدعة شراب "الديلسي"، وكذلك كذبات الإخونج، بعد أن عرفت أن ابنها صار "حوثياً"، هكذا مباشرة وبعاطفتها، لدرجة أنها صارت تدعو بعدها ليل نهار بأن ينصر الله "الحوثيين".
إنها قصة مضحكة، ولكنها مثيرة وظاهرة يجب دراستها. وأما شباب القرية، ولأن شاباً منهم أصبح من أنصار الله، فإنهم أيضاً يريدون أن يحذوا حذوه، وهذا يدل على أن الناس في تعز يمتلكون عواطف بسيطة ومندفعون أكثر، لذلك قام الإخونج بتجنيدهم مبكراً ودفعوا بهم صوب هاوية سحيقة.

أترك تعليقاً

التعليقات