ضرورة حرب الشعب ضد «الإصلاح»
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
لا يرتبط مفهوم "حرب الشعب" بواقعية الحدث الشكلي الخاص بالمعركة العسكرية المُسلحة وظروف تبدلاتها القائمة على ثنائية النصر أو الهزيمة فقط، فإمكان حدوث حرب كهذه يتعلق أيضاً بواقع تَخلُّق البُنية الجماهيرية في إطار عمل سياسي غاضب ومن خلال تنامي الفعل الثوري والإنساني عبر الاحتجاجات والوقفات التضامنية، فحرب الشعب تخصها وتمثلها أيضاً معركة الوعي اليومية المناهضة بغير عفوية لأي سلطة، تجري تفاصيل هذه المعركة في سبيل الحق في العيش بحرية وكرامة ومطارحة حل القضية السياسية في واقع صنع القرار الذي تنجزه نخب سياسية تُقصي فيه قرارات وأمنيات الشعب نفسه، وفي سبيل البناء من أجل المُستقبل وتأمين متطلبات الحياة الأساسية والاستقرار، ففي مثل هكذا وقفات قد تنشط "حرب الشعب" الكثيفة واليومية غير المُعلنة.
في الفترة الزمنية ونحن الآن نشارف على تحرير مدينة مأرب التي كانت بمثابة عاصمةً عسكرية لحزب الإصلاح وبؤرة من بؤر "القاعدة"، نلاحظ مدى تغير المعادلات وترجحها إلى كفة الحق في الاشتراك مع الجيش واللجان الشعبية بفعل مُحارب حد وعيه ضد قوى العدوان ومرتزقتها في الداخل. في السابق كان الزمن يُجمد الوعي ويبقيه في مستويات المعرفة التصديقية إلا من المؤدلجين والمنخرطين في السلك العسكري وممن عرفوا الحق حتى قبل حدوث الحرب هذه، فلم يكن قد حدث للشعب أي تحول في أفق تعبيراته ومشاعره تجاه ما يحدث، حتى أنه اعتبر الجميع أطرافاً متصارعة ومنهمكة في حرب لا تعنيه، وبقي يشاهد المعركة من بُعد جراحاته العميقة والمتباينة. غير أن واقع الاستقرار السياسي وعدم تصالح هذا الشعب مع سلطات المرتزقة، وتنامي الحس الوطني والإحساس بمعنى السيادة والرجوع إلى الهوية الإيمانية، دفع بالشعب اليمني إلى معرفة الحقيقة في غير وجهها المقلوب. كل ما سبق دفع بالشعب اليمني إلى الانخراط في حرب ضد المرتزقة من قوى الداخل وضد تحالف العدوان أيضاً، وهذا هو الحاصل في مأرب حالياً. المراقب للأحداث والمتغيرات في مأرب، سيلاحظ فعلاً شعبياً مُحارباً يقف إلى صف الجيش واللجان الشعبية، سيلاً من قبائل مأرب تتدافع إلى نسق أول في المعركة، ومواطنين كثيرين في الداخل ينشطون بالفعل لاستقبال المجاهدين وتزكية روحهم الوطنية عبر إيصال المعركة بحماستها ولهيبها إلى وسط أنفسهم، بل إلى حوليات تواجدهم المكاني.
إن تكوين النويات المؤمنة بعدالة القضية وثبوتها ضمن حقيقة الواقع الحروبي لدى طرف مقاتل، شرط لتضامن الشعب وتضافر الجهود معه في سبيل تحقيق الخلاص من الشر وقواه الإجرامية، سواءً الداخلية أو الكونية الخارجية، وهذا ما حدث لدى أنصار الله، الذين لا يمكن تعريفهم إلا بتعريف كلي، جامع، إنه الشعب دون أدنى مبالغة، ليس بعدد المنتمين له فقط، وإنما بما يحويه من رؤى وأفكار دينية وسياسية وفكرية، وعلى العكس مما هي الأحزاب والجماعات والتكتلات الأخرى.
الإرادة لا تخص أبداً فئة أو طائفة بعينها، وتعريفها في إطار خاص يبدو ناقصاً، الإرادة تعني الشعب، الشعب بأكمله يُحارب، الشعب بأكمله يقوم بثورة، الشعب بأكمله يريد تحقيق مطالبه مهما كلف الثمن، الشعب بأكمله يرفض الوصاية، الشعب بأكمله يطيح بأنظمة العمالة، الشعب بأكمله يطيح بقوى الاستكبار ويرفض الهيمنة أياً كان شكلها، الشعب بأكمله حين يأتي من ذات فعله الشعبي يكون شعباً إرادياً يصعب على أي قوة في العالم تشتيت مقاومته وتكييفها بحسب أمزجة فرضيات ومطامع قوى الخارج. هذه هي الإرادة إذن، كما أفهمها، بعيداً عن تنظيرات الفلسفة البائتة وقواميس المصطلحات غير ذائقة الفكر. الإرادة شعب وفرد لا يُعرف خروج أحدهما عن الآخر.

أترك تعليقاً

التعليقات