موت الحزبية في اليمن
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
يبدو أن شعار ومفهوم المستقبل الحزبي لدى أغلب الأحزاب اليمنية والعربية لم يعد بالحيلة ذاتها التي كان يحوك خيوط لعبتها بعض قادة الأحزاب ومسؤوليها في الخطابات التي تستحث وتقف عند ذكرى حديث النشأة التأسيسية الخاصة بها، والتي تقام بشكلٍ فاعل عبر ندوات ووريقات سياسية كثيرة الضجة في دورة كل عام.
في بداية حرب العدوان الكوني على اليمن، كانت قد ظهرت الأحزاب السياسية لدى المشهد السياسي اليمني بمظهرٍ ظلت تطفو به كسمكة ميتةٍ في البحر، بلا أي حركة ثورية متدافعة مُستنكرة أو منددة، ودون إحداث أي موقف تاريخي نابع من صلب القضية اليمنية التي تواجه غطرسة العدو التاريخي منذُ تأسيس مملكة الشر باعتبارها عدواً تاريخياً لليمن، ففي حين أنه لم يكن لأيٍ من هذه الأحزاب موقفٍ وطني جامع تشجب وتناهض فيه العدوان الكوني على اليمن، في المقابل أنتج هذا الأثر حصيلة من الكوارث التي تدل على وفاة الحياة الحزبية وسياستها الادعائية والمُروج لها من قبل وسائل الإعلام!
إن مآلات الانقسام والتداعيات التي حصلت كانت كارثية بلا شك، وهي مآلات حشرت الكيان السياسي الحزبي اليمني في صندوق الكارثة العسكرية والاقتصادية والمجتمعية التي حدثت للبلاد، فالحزبية اليمنية التي صارت متهمة في تشييء الخراب واللعب بالوضع وتعميق الكارثة الإنسانية التي وصلت إلى أسوأ حال، صارت على ذات نفي في عقول اليمنيين، أفكارها الأيديولوجية بالأخص وبرنامجها السياسي صاروا متهمين، خصوصاً وقد تم التجريب بها في هذه المرحلة والوصول إلى نتيجة أنها غير قابلة للحياة أصلاً، لقد صارت الحزبية في اليمن لعنة وسبة وليس كما كان يقال سُنة في واقع هذي البلاد.
وللربط، إذا ما حاولنا التأكيد أننا سنذهب إلى المستقبل دون أحزاب سياسية، فإنه وجب التدقيق والتفتيش عن الكمية من فئة الشباب اليمني الذين ينتمون إلى الأحزاب، تكاد فئة الشباب في إطار انتمائها لأي حزب لا تذكر، وإن كان انتماء البعض منهم يجري مع حِدة الاستقطاب نتيجة قلة الوعي أو نتيجة الإغراء وإرغام المتحزبين الكبار في نظام الأسرة الواحدة فإنه يبقى انتماء ضئيلاً، وهو انتماء غير حيوي بالنسبة للحزب، وبعذر وحيد هو أن الشباب لم يعاصروا المراحل التاريخية ولم يعوا العمل الحزبي بعد، أو بالأصح لم يغرفوا من أيديولوجية الحزب بما فيه الكفاية، بينما فئة الشباب هي الطاقة الوحيدة التي يمكن بها الدخول إلى المستقبل من وجهة نظري ونظر الأغلبية. أما عن حزب عجوز كصوت صاحبه العجوز (أقصد حزب الإصلاح)، فهذا لا يصلح أبداً للمستقبل، ومثله المؤتمر والاشتراكي والبعث والناصري.

أترك تعليقاً

التعليقات