«شرعية» ما فاز إلا النوَّم!
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
لدي صديق كلما حاولت مهاتفته تلفونيا أجده يغط في نومٍ عميق، وعندما أسأله عن حاله، هل هو مريض أم أنه بلا عمل، أو أنه يقضي كل أوقات الليل في السهر الطويل، أم أن ساعات نومه هذه هي مجرد ساعات قيلولة يأخذها لغرض الراحة النفسية، أم أن الوقت عنده صفر ولا يعني له شيئاً من الحياة، يراوغ معي بالإجابة، كل هذا يحدث ويتكرر عند اتصالاتي معه في أوقات متفرقة من اليوم (ليلاً ونهاراً)، فهو في كل مرة يقدم لي إجابة ثقيلةً جداً كنومه، وفي الغالب لا أفهم ما يقوله بصوته المسحوب على ساعة الإيقاظ هذه، إن كل مكالمة مستعجلة مني تبعثُهُ من رقاده العميق، وفي ذات مرة، أصررت عليه أن يجيبني عما هو أدنى شعورٍ له وهو في حالة نومٍ دائمة، فرد عليّ ساخراً: أشعر أثناء النوم بأنني "شرعية".
لقد أصبح النوم صورة رمزية لما سميت "الشرعية"، وهي حالة تنم عن ضياع الفعل والقدرة السياسية، إنه الدفع بذهنيات سطحية لفعل ابتكار بيع الوطن أكثر من مرة وبطريقة لامبالية وبالواضح وعلى مرأى ومسمع من هذا الشعب اليمني دون أي اكتراث أو احترام للعقلية اليمنية المعروف عنها الحكمة والإيمان ودون احترام للتاريخ اليمني الذي ساد العالم بأنصاره وبأعظم رجاله من ناشري الدين الإسلامي في أغلب أصقاع العالم.
وللمعلومة، فإنّ المعروف عن دول الخليج على الوجه الأعم والسعودية على الوجه الأخص تصنيفها من بين أكثر الدول العالمية التي يستغرق مواطنوها بقضاء ساعات طويلة في النوم، وللمثل اليمني القائل "لا تربط حمارك بحمار المدبر يدبرك" حق للظهور هنا، ومما لا أشك فيه أيضاً أنّ "شرعية الفنادق" وحمار التاريخ السيئ ليست إلا كبقية أطفال العالم لا تنام سوى على ضوء قصص وحكايات أسطورية، غير أن القصص والحكايات التي يتلقاها الطفل عبد ربه وزبانيته الخونة من قبل بريمر بني سعود ومحمد بن سلمان "الكبش" تتمثل بدروس الخيانة وتعليم الهزيمة المُستمرة وتخريب الحياة والخنوع والرضا بالواقع المقلوب، وهذا هو الفرق الطفولي الواضح.
إنه لا يمكن أن يتحدث عن المستقبل نائم، هكذا يجب أن نفهم ونعرف ونثق، فالسياسة التي تقدمها حكومة الفنادق التي باعت الوطن واستبدلته بفندق وسرير فاره، هي بالفعل سياسة لا تمثل أي معطى حيوي، وهي سياسة عدمية جداً، سياسة سرير ومقعد فاره، وفرشٍ وثير وكبسة سعودية ومراحيض ودش ساخن، بالإضافة إلى نوم لا منبه حدثي صاقع أو وطني شعبي يُحدِث فعل إيقاظه وتنبيهه.
إن الأمر غايةً في النوم، وهي مشكلة لا يمكن حلها من العينين المُغمضتين فقط، ولا من الدماغ، إنها تحتاج صفعات متتالية وأكثر من ذلك، إنّ سياسة مُغمضة عن الواقع والحق وعن الحقيقة لا يمكن أن تؤمن بالقضية الفلسطينية، وسياسة مُغمضة العينين لا شك ستنسل الكثير من العاهات، سياسة مُغمضة العينين لن ترَى أبداً واقع الشعب ولا حتى سيثيرها مشهد من مشاهد الموت والقتل الذي أحدثه العدوان على الشعب اليمني.

أترك تعليقاً

التعليقات