أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -
أرادت الولايات المتحدة الأمريكية من ورقة أوكرانيا تتويج مؤامرتها ضد روسيا، المؤامرات التي بدأت بإزاحة الحكومات الموالية أو القريبة من الروس في أمريكا اللاتينية، ثم انتقلت إلى كييف وتغيير الحكم هناك في العام 2014، وفي هذا العام 2022، أرادت بناء قواعد عسكرية عن طريق إنهاء الحياد الأوكراني، وضمها لما يعرف بـ”حلف الناتو”، لكن ما لم تكن تتوقعه واشنطن هو ردة الفعل الروسية وجاهزيته لخيارات حرب كونية ثالثة.
وقد أثبتت الأيام أن إطالة أمد الحرب الروسية في أوكرانيا لم تؤتِ ثمارها، ولن تكون مستنقعاً يعلق فيه الدب الروسي، وإنما استمرارها قد يؤدي إلى زعزعة أوروبا أمنياً واقتصادياً، وبالتالي قد تشهد عواصم أوروبا مظاهرات غاضبة جراء ما وصلت وستصل إليه، خصوصاً أن الأوامر الأمريكية للأوروبيين بتنفيذ عقوبات مقاطعة ضد روسيا دون بدائل حقيقية خلقت العديد من التساؤلات، فمنهم من يرى أن واشنطن تريد أن تأكل الثوم بفم الأوروبيين، بل وتسعى لضرب أوروبا في روسيا للتخلص من الطرفين وتتضاعف الحاجة الأوروبية لواشنطن!
ومنهم من يعتقد أن الولايات المتحدة متخبطة ولا تعي ما ستؤول إليه الأمور، حتى أن الدعم الذي تعلنه واشنطن بشكل يومي دليل على الحالة النفسية للإدارة الأمريكية، وقناعتها بصعوبة تقديم ما يمكن أن يغير نتائج المعركة، سواء على المستوى الأوكراني أم ما سيترتب على انتصار الروس من تغيير لموازين القوى العالمية.
بعد أكثر من أربعة أشهر على التدخل الروسي في أوكرانيا، وظهور فرز عالمي، وعودة التكتلات بين المعسكرين الشرقي والغربي، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تلافي نتائج الهزيمة من خلال شيئين:
الأول: إظهار حنقها وإلقاء اللوم على كييف، لتوصل رسالة إلى العالم مفادها أن هذا مصير من لا يأخذ بنصيحة واشنطن، وبالتالي هزيمة أوكرانيا تتحمل تبعاتها أوروبا، ولأنها ليست معركتها، فبالتالي نتائجها لا تعنيها ولا تمس هيبتها.
الثاني: محاولة فصل معركة أوكرانيا، وخلق معركة خاصة بها، وهي تايوان، لمعرفتها مسبقاً بأن الصين تتحاشى التصادم العسكري مع واشنطن، ولهذا بدأت واشنطن بإحياء قضية تايوان والصين، وفي النهاية الصين لن تغزو تايوان، وهذا يعني أن أمريكا تنتصر في معركتها التي أوجدتها، وهي الصين وجزيرة تايوان، بينما معركة الأوروبيين كانت خاسرة مع الروس. ومثل هذه المقارنة التي تظن واشنطن تمريرها على العالم، أفشلتها الصين عندما تخلت بكين عن الدبلوماسية وأفصحت صراحة عن أنها ستغزو تايوان إذا أعلنت الانفصال، وستقاتل حتى النهاية من أجل الجزيرة.
وفي مجمل النتائج فإن الهروب الأمريكي من الفشل كانت نتائجه عكسية، ومثّل الفصل الأول من مراسيم دفن الهيمنة الأمريكية، وسيشهد العقد القادم الإعلان الرسمي عن موت الغطرسة الأمريكية والقطبية الواحدة.

أترك تعليقاً

التعليقات