مراكز بناء العقول
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

تدشين المراكز الصيفية من قبل الجهات الرسمية هذا العام كان ملفتاً من حيث الإرادة الرسمية التي أقامت مراكز كثيرة وحرصت على إيجاد منهاج متكامل يسهم في زيادة المعرفة وفقاً لاستراتيجية الاستفادة من أوقات الشباب والطلبة بما يسهم في استقرار البلاد ويحصن الشباب بدلاً من أن يكونوا عرضة للهجوم الفكري الذي يصب في نهاية المطاف لخدمة أجندة العدوان ويؤدي إلى خلق التفسخ الأخلاقي والانحلال الفكري تحت تأثيرات التكنولوجيا أو تحت مسميات الحرب الناعمة وشعارات السلام المزيفة.. وانطلاقاً من هذه الأهمية البالغة كان الاهتمام رسمياً بالمراكز الصيفية. 
لا شك أن تحصين الشباب من الوقوع في شباك الأفكار الضالة يضائل من فرص المراهنين على تخريب المجتمع من الداخل، ولذلك لا غرابة أن يسارع إعلام العدوان في مهاجمة المراكز الصيفية وتشويه الصورة في سعي منه لمنع الشباب من الالتحاق بها، بل يتم التحريض عليها من خلال الإدعاء بأنها معسكرات تابعة لأنصار الله ليتم استهدافها أو تخويف أولياء الأمور منها، والترويج بأنها لغسل العقول وبذرة من بذور زراعة الطائفية. غير أن الوعي المجتمعي يتراكم يوماً بعد آخر، فالعدوان ومرتزقته وممارساتهم خلال 4 أعوام أسهم بشكل أكبر باستيعاب اليمنيين وفهمهم لمغازي تلك الحملات الإعلامية، فهم يلامسون ويعايشون الواقع بعيداً عن الافتراءات وحملات التشويه التي تنطلق من أبواق مأجورة تسكن الفنادق الفارهة في الرياض ودبي وإسطنبول وغيرها..
إن المراكز الصيفية بنسختها الحالية تبني أسساً وقواعد فكرية يجب أن يتحصن بها الشباب والجيل الناشئ باعتبارهم ثروة وعقول اليمن وقادة الغد، ومن هذه الثقافات ثقافة القرآن ومفهومه الصحيح كضامن أساسي لبناء شخصية سليمة ومحصنة ومزودة بثقافة الهوية الإيمانية والاعتزاز بموروث اليمن المشرق كبلد حضاري أسهم في كتابة تاريخ المنطقة، وأهمها التاريخ الإسلامي، حيث كان اليمنيون هم خامة الإسلام وعموده وجنده المرابطين والفاتحين والمتكئين على قيم إنسانية وأخلاق أصيلة، ولن يتسنى لنا العودة إلى طليعة الأمة والإسهام في بناء مجد اليمن وأمتنا الإسلامية إلا بالجيل الواعي والناشئ وفقاً للقيم الأصيلة. 
خلال عقود مضت ترك النظام مسؤولية المخيمات الصيفية لحزب الإصلاح الذي يستقي مفاهيمه من الفكر الوهابي، والذي يعد البوابة الأولى للالتحاق بتنظيمات إرهابية متطرفة تديرها مخابرات دولية، وتستخدمها في تفكيك المجتمعات وضرب اللحمة الوطنية، وكان من نتائج مخرجات المراكز الصيفية تحوير التفسيرات القرآنية لما يصب في خدمة الوهابية، وما إن انطلق العدوان على اليمن حتى رأينا الكثير من الشباب ممن كان للمراكز الصيفية في السابق تأثير على بنائهم الفكري ينضمون لصفوف العدوان، ويقاتلون من أجل احتلال بلدهم من قبل الأجانب، بل أصبحوا يتماشون ويتماهون في مواقفهم مع المواقف الصهيونية والأمريكية، ويروجون لها، في سابقة لم نعهدها كيمنيين، فليس من المعقول أن يمتدح اليمني النهج والسلوك الأمريكي واليهودي في المنطقة، بل ينخرطوا في القتال ضد أبناء جلدتهم لتحقيق أهداف إسرائيل؛ الكيان الذي يؤكد ويصرح علناً بأنه منخرط في مقاتلة اليمنيين.
إذن، هي معركة بناء العقول وفقاً لمرتكزات وأسس سليمة تؤتي أكلها بعد سنوات قليلة، ومخرجات تلك المراكز ستكون وفقاً لما سينسحب من أفكار على الملتحقين في المراكز الصيفية. وستكون بإذن الله مليئة بالإيمان مرتبطة بالقرآن والوطن، ولن تخرج عن استراتيجية "يد تبني ويد تحمي"..

أترك تعليقاً

التعليقات