أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -
متابعة الأخبار وليوم واحد فقط تكشف أن الدول المقاومة للإمبريالية الأمريكية -هذه الأيام- في مهمة تفكيك ألغام ومفخخات سياسية وأمنية وإعلامية وضعتها واشنطن ومن تحالف معها في طريق من يريدون إعادة صياغة التاريخ وهندسة النظام العالمي على أسس أكثر إنسانية وواقعية وبعيداً عن هيمنة القطب الأمريكي الواحد، والذي تسعى واشنطن لإبقائه ولو كلفها ذلك قيام حرب كونية أخرى.
البداية من اليمن. بينما يستعد الشعب اليمني لإحياء يوم الصمود في السادس والعشرين من آذار/ مارس، كان تحالف العدوان يسعى لإحداث اختراق أمني يقلل من إحياء المناسبة ويضع علامات استفهام كثيرة حول قدرة الأجهزة الأمنية على حماية المجتمع في جغرافيا السيادة الوطنية.
المفاجأة التي كان يعدها تحالف العدوان هي تفجير سيارات مفخخة في أمانة العاصمة وبقية المحافظات الحرة، وهو تفكير ينم عن العقلية الإجرامية النابعة من التوجهات والفكر «الداعشي» الهادف لقتل كثير من الناس من جهة، ومحاولة زعزعة ثقة المجتمع بالأجهزة الأمنية من جهة أخرى.
فبعد الهزائم العسكرية التي مني بها تحالف العدوان في الجبهات، وكان آخرها ما بثه الإعلام الحربي من صور العمليات العسكرية الكبيرة في جبهة حرض، وما تم توثيقه في العملية من قتلى في صفوف المرتزقة السودانيين وغيرهم، واغتنام آليات وذخائر متعددة، حاولت الرياض اختراق الأمن لتنفيذ مذبحة بحق الأبرياء، كما تفعل كل مرة عبر طائراتها الحربية. لكن يقظة الأجهزة الأمنية كانت لها بالمرصاد، وتم إحباط المخطط الذي أعدته المخابرات السعودية، وألقي القبض على المتهمين والسيارات المفخخة، ووجهت الأجهزة الأمنية صفعة جديدة للنظام السعودي لا تقل أهمية عن الصفعة التي وجهها الجيش واللجان الشعبية في جبهات الحدود، وبذلك فشلت مفخخات السعودية في اليمن، الدولة ذات الثقل الهام في محور المقاومة والمحور المناهض للغطرسة الأمريكية بشكل عام.
من جانبها انتصرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تفكيك المخططات الإعلامية لواشنطن، والرامية إلى ضرب العلاقة الروسية ـ الإيرانية من خلال بث الشائعات حول رفض الجانب الروسي للحلول المتعلقة بالملف النووي الإيراني، تحت ذريعة خشية روسيا من تصدير الغاز والنفط الإيراني إلى أوروبا بدلاً من موسكو أو منافستها في الأسواق على الأقل.
غير أن رياح إيران جرت بما لا تشتهي سفن الولايات المتحدة و»إسرائيل»، واستطاعت طهران لجم الإعلام الغربي والشائعات، وذلك بعد نشر الإعلام الروسي والإيراني صور وزيري خارجية إيران وروسيا في لقاء جمعهما، وتصريحات الجانبين التي أكدت تطابق وجهة نظر البلدين فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وألا مجال للمزايدة في هذا الملف، وبذلك تلقت واشنطن صفعة إيرانية جديدة بعد الصفعة التي وجهتها طهران لـ»تل أبيب» في شمال العراق من خلال عملية قصف الحرس الثوري لموقع استخباراتي صهيوني في كردستان العراق.
وكانت روسيا هي الأخرى قد اتخذت قرار نزع المفخخات الأمريكية في أوكرانيا، والمتمثلة بزرع قواعد جوار الدب الروسي ومعامل القتل البيولوجية، والتوسع شرقاً بقفازات أوروبية، فحسمت موسكو أمرها وتوجهت إلى أوكرانيا لقص أظافر واشنطن بنفسها، وبدون أن تلبس أي قناع كما تعمل واشنطن في الكثير من الدول.
ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن روسيا وإيران واليمن وغيرها من الدول والجماعات المناهضة للغطرسة الأمريكية تقوم بتفكيك المفخخات الأمريكية بأنواعها، السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية والاقتصادية، بثبات ونجاح، مما يشل قدرة واشنطن على تنفيذ أي فعل على الأرض، وهو ما يعني البداية القوية والصلبة لتنفيذ إعادة هندسة وصياغة النظام العالمي بعيداً عن إرادة وأمنيات واشنطن.

أترك تعليقاً

التعليقات