نحن والنبي
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

خصوصية النبي لدى اليمنيين تختلف ربما عن كثير من الشعوب الإسلامية في تعظيم الرسول. هل يعود ذلك لكون اليمنيين أحفاد الأنصار، وبالتالي يحبون تجسيد الدور ذاته ومواصلته، أم أن عمق الإيمان الذي شهد به الرسول لليمنيين هو الدافع والسبب؟ 
تعددت الثقافات والمذاهب الإسلامية، لكنها مع اختلافها توحدت في ضرورة التعظيم والاحتفاء بالنبي، عدا الوهابية، فلماذا جازفت الوهابية واعتبرت الاحتفاء بدعة؟! 
في مقاربات عصرية بعيدة عن أفضلية اليمنيين التي أثبتها القرآن والأحاديث نحاول الإجابة على أسئلة قديمة بإرث ومفهوم قديم متجدد.
اليمنيون يحيون ذكرى المولد النبوي بأكبر مهرجان تشهده اليمن وربما المنطقة. وإذا كان غير مستغرب، لما للنبي من حضور في قلوب اليمنيين وخصوصية أثبتها القرآن والأحاديث الكثيرة التي تمجد اليمنيين وترفع من قدرهم كبصمة وحب أبدي متبادل بين النبي وأهل اليمن.
وليس بالضرورة هنا إثبات مقام اليمنيين وأفضليتهم في الإسلام، فالجميع يعرف كم من الآيات القرآنية والروايات المتواترة عن النبي الأعظم في هذا الخصوص. 
وإنما السؤال المنطقي في العصر الراهن هو: ما القيمة الدينية في أن يتعاظم ويزداد حب الرسول ويعبر عنه بشكل أكبر وأبهج لدى اليمنيين عند كل منعطف تاريخي تمر به الأمة أو يتم استهداف رموزها الدينية الكبيرة؟ هل هذه الخصوصية هي ثقافة ورثوها من أجدادهم الذين حملوا على عاتقهم مناصرة الرسول فكانوا الأنصار والأساس المتين وصاروا للإسلام قواعد وسواعد عند بناء دولته، ثم اليوم يحب اليمنيون لعب هذا الدور والتمسك به كبصمة شرف ووسام بطولة ينفردون بها دون غيرهم؟ أم أن الإيمان الذي استوطن القلوب طواعية فساروا مبايعين للنبي ومسلمين لدين الحق فكانوا نسخته الأصلية، بشهادة الرسول نفسه الذي لخص ذلك بقوله: "الإيمان يمان والفقه والحكمة يمانية"، وبذلك اختصر مفهومية الإسلام فيهم؟!
قد يكون الأمران معا، فهم من ناصروه عند البداية ويسعون لمواصلة دورهم، وهم منبع الإسلام الصافي ومصدره الرئيسي اليوم.
وفي ظل الغبار والضبابية التي تحجب الرؤية وتقود الأمة إلى المجهول، والأحداث المتلاطمة والتي بدأت بشكل ممنهج تطل عبر الإعلام، كأن يساء للرسول عبر أفلام ومسلسلات تشويه ثم تتواصل عبر ابتكار وإنشاء مشاريع تطبيع مع أعداء الرسول ومحاربة آل بيته وكل نبع صافٍ يمثل الإسلام، فالقدس مسرى الرسول بيعت واستوطنها اليهود، وأرض مكة والمدينة التي يفترض أن تكون طيبة مباركة كما أراد لها الله انحرف حكامها فجعلوها مزاراً سياسياً لجني الأموال بأسماء وعناوين مختلفة بعد أن هدمت المعالم الإسلامية وكل ما يتصل بالرسول وصحابته المنتجبين. واليوم تقدمت خطوة أكبر فافتتحت عهداً جديداً من الخمور والفسق في الأرض الطاهرة والرمزية المقدسة للإسلام والمسلمين في محاولة للتقليل من شأن هذا الدين قرآناً ونبياً، كيف لا وقد شرع بنو سعود في هدم القبور وكل ما يخص الصحابة بحجة البدعة بعد أن استقام لهم الحكم؟! وكان قبر الرسول هو المستهدف لولا تدخل الهند (لم تكن باكستان دولة بل من ضمن الهند) ومصر وأعلنوا مقاطعتهم للحج، إذ تم هدم قبر الرسول كما يقول المؤرخ د.عرفات الرميمة والذي أضاف أن مقام إبراهيم هو الآخر لم يكن ليسلم لولا تدخل الإمام محمد متولي الشعراوي الذي أقنع الملك بأن المقام جزء من الحج. وهذا يقود للإجابة على السؤال: لماذا لم يختلف المسلمون بكل طوائفهم وممارساتهم الثقافية في وجوب حب النبي والاحتفاء بمولده عدا الوهابية؟
في غمرة الأحداث الجسام يبرز اليمنيون من جديد ويعلنون ابتهاجهم بشكل لا مثيل له برسولهم الأعظم وقدوتهم في الحياة، فتفيض العاصمة صنعاء وبقية المحافظات المحررة بالابتهاج وتبدو كأنها مشكاة للنور في عالم يلفه الظلام الأخلاقي.

أترك تعليقاً

التعليقات