علي كوثراني

علي كوثراني / لا ميديا -
"مَن يعرف عدوه ويعرف نفسه يقود مئة معركةٍ من دون خطر" (صان تزو).
لا بد من الاعتراف للإمبراطورية المهيمنة الناهبة بكفاءتها في اللعب على حافة الهاوية، ذلك أن تهديدها إيانا بالحرب الشاملة قمة في الوقاحة والجرأة والعبقرية معاً، وهي بذلك تحفظ النقاط التي تسجلها ضدنا من محوها بردود أفعالنا، أي أنها تشتري نصرها علينا من جيبنا!
إمبراطورية الشر هذه، وإن كانت تتغذى وتعيش على شرذمتنا ونهبنا وقتلنا وحربها الدائمة ضدنا، فهي تعي أن الحرب الشاملة في منطقتنا هي مقتلها، ولذلك اختارت أن تلعب بالنقاط، لتطيل عمرها وأمد حربها ضدنا، فتكسب وقتاً ثميناً وتعزز فرص نصرها علينا.
الحرب الشاملة مقتل الإمبراطورية كونها ستؤدي بالضرورة إلى تعرية منظومة هيمنتها على منطقتنا، ووضعنا في مواجهتها كاملةً، من الكيان الصهيوني إلى كيانات التجزئة ونواطيرها والقواعد العسكرية فيها إلى اقتصاد الريع والآبار ورفادتها... أي أنها خلاصنا!
فهل تملك الإمبراطورية فعلاً أن تهددنا بما فيه مقتلها وخلاصنا؟! بالطبع لا، هي لا تملك إلا الوهم وعقول الواهمين. ورأيي أن رد المحور، مهما قسا، لن يكون أمام الإمبراطورية إلا أن تبتلعه صاغرةً وبالتدريج، لتحرفنا من جديدٍ من الحرب الشاملة إلى "حرب النقاط" التي تُفضّلها، أملاً بفصل الساحات لتحمي باقي منظومة هيمنتها في منطقتنا، والتي لكي تعمل يجب أن تبقى خارج دائرة النار لتؤدي وظيفتها كجبهات إسنادٍ للكيان الصهيوني والإمبراطورية من خلفه.
منظومة الهيمنة هذه هي الأسوار والجُدُر التي لا يقاتلوننا إلا من خلفها، ودونها بابٌ لخيبر في كل ركنٍ أو جزءٍ من هذه المنظومة. فإن قُلعت هذه الأبواب جميعها بضرباتٍ حيدريةٍ، ستكون السيادة عندئذٍ للصواريخ المصوبة نحو النهابين الذباحين وأعوانهم، لا لفيافي الترسيمات الاستعمارية من تحتها، وستكون الشرعية للمقاومين من أحرار العرب والعجم، لا لذوي تيجان الخيانة والعار، وسيعلو صوت التحرر بين الجماهير وتذوب عناكب الذل والتبعية تحت أقدامها.
فيا حبذا لو تكون الضربات ثقيلةً والأيادي "مالحةً" والأصابع خفيفةً على الزناد، لينقلب السحر على الساحر، ويُغير الخوف معسكره، ويُرمى عبء "تفادي" الحرب الشاملة على مَن فيها مقتله لا خلاصه... وعندها فقط سنرى مشهداً مغايراً.

أترك تعليقاً

التعليقات