لا فكاك من الحصار دون مواجهة
 

علي كوثراني

علي كوثراني-

كلما حرر الجيش العربي السوري وحلفاؤه قريةً، يعيد اسم القرية ذاكرتي إلى حقبة 2011-2012 التي كانت تسقط فيها تلك القرى بالجملة بيد كلاب الناتو.
أسوأ ما في تلك الحقبة كان رهان المحور على تسويةٍ ما مع المعتدين، ذلك الرهان الذي أبقاه المعتدون قائماً، لا لرغبتهم بالتسوية، وإنما لمنعهم المحور من صب كامل جهوده لمواجهة هذه الهجمة بالقوة.
سقط هذا الرهان مع الوقت طبعاً، خصوصاً وأن أغلب سوريا قد فقدت معظم جغرافيتها، وأن دمشق نفسها مهددة بشكلٍ جدي، فشهدنا أثر دخول المحور بأكمله على خط المواجهة بشكلٍ مباشرٍ عام 2013، ثم دخول روسيا الحليفة بشكلٍ مباشرٍ عام 2015.
وبالرغم من توالي الانتصارات في سوريا منذ العام 2013 وحتى الآن، فقد بدت واضحةً كلفة استعادة كل شبرٍ من تلك الجغرافيا.
يخطر هذا ببالي اليوم لأن هجمةً لا تقلُّ ضراوةً وخبثًا تشنُّ على المنطقة، ولكن بأدواتٍ غير عسكريةٍ هذه المرة، ولأن المحور لم يصب كامل جهوده بعد لمواجهتها، مما يؤشر إلى وجودٍ رهانٍ على تسويةٍ ما.
لا دليل قاطع لدي على أن هذا الرهان سيخيب كسابقه، ولا دليل قاطع لدي على أن المعتدين هم أنفسهم من يبقون الأمل بهذا الرهان قائماً هذه المرة أيضاً وللسبب نفسه، ولكن استمرار الحصار اليوم واشتداده مع الوقت واستمرار الاستثمار بنتائجه يشبه كثيراً استمرار الهجمة واشتدادها والاستثمار بها وقتها، وهذه قرينةٌ كافيةٌ بنظري.
لا فكاك من الحصار بدون مواجهة. وإن كل يومٍ يمر على استمرار هذا الحصار واشتداده واستثماره، سيرتِّب على المحور أثماناً غالية، كالأثمان التي تُدفع الآن في سوريا لاستعادة كل شبر... والله من وراء القصد.
*كاتب لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات