صنعاء بعيدة
 

محمد عبده سفيان

عندما قرر حكام مملكة بني سعود شن العدوان على وطننا وشعبنا اليمني، اعتقدوا خطأً بأنهم سيتمكنون من حسم الحرب خلال بضعة أيام أو شهر على أكثر تقدير، لأنهم قد أعدوا العدة لذلك (تحالف عسكري من 12 دولة، ودعم عالمي من معظم دول العالم، وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وتأييد ومباركة مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة)، وحشدوا أكبر عدد من القوات العسكرية البشرية، وعدداً مهولاً من الأسلحة والذخائر والدبابات والمدرعات والمدافع ومنظومات الصواريخ والعربات العسكرية والطائرات والبوارج والسفن والزوارق الحربية الحديثة والمتطورة، ورصدوا ملايين الدولارات والأموال السعودية والخليجية، واستعانوا بآلاف المقاتلين المرتزقة الأجانب من مختلف جنسيات العالم، وبالعناصر الإرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش والجماعات السلفية المتطرفة، وجندوا عشرات الآلاف من الشباب المغرر بهم، كما حشدوا أكبر هالة إعلامية معتقدين أنهم بذلك سوف يتمكنون من اجتياح اليمن واحتلالها بكل سهولة، كما حدث للعراق من قبل التحالف الأمريكي.
وتوقعوا أن قواتهم الهزيلة، وبمساعدة مرتزقتهم من المليشيات الموالية لهم، سوف تدخل العاصمة صنعاء خلال أيام قليلة من بدء العدوان، خصوصاً بعد أن قامت طائراتهم الحربية الحديثة بشن الغارات المباغتة على المطارات والموانئ المدنية والعسكرية والقواعد الجوية والمعسكرات، وإعلان الناطق الرسمي لهم بأنهم قد دمروا كامل القدرات العسكرية لليمن، وقضوا على نسبة 90% من القوات البشرية للجيش واللجان الشعبية، وبذلك فإن اجتياح قواتهم للعاصمة صنعاء سيكون عبارة عن نزهة ليس إلا..
ولكنهم اكتشفوا بعد مرور أكثر من عام وثلاثة أشهر، أنهم انخدعوا واغتروا بما حشدوه من قوات بشرية وأسلحة ومعدات عسكرية حديثة ومتطورة، وما رصدوه من أموال هائلة، وأن حساباتهم كانت خاطئة، فلم يأخذوا في اعتبارهم شجاعة وصلابة اليمنيين والقدرات القتالية التي يتمتع بها أبطال الجيش واللجان الشعبية، والذين أثبتوا فعلاً أن اليمنيين هم أولو قوة وأولو بأس شديد، حيث لقنوا قوات تحالف العدوان والمرتزقة الأجانب والمحليين دروساً قاسية في مختلف الجبهات، رغم الفارق الكبير في العدد والعتاد العسكري، ورغم الإسناد الجوي من قبل طيران العدوان، والإسناد البحري من بوارجهم وسفنهم وزوارقهم الحربية.
توقعوا أن قواتهم سترفع أعلامهم فوق جبال نقم وعيبان وعطان والجبال والتباب المحيطة بالعاصمة صنعاء، وفي جبال صعدة وحجة، ولكنهم تفاجأوا بأن الأبطال الصناديد من الجيش واللجان الشعبية في العمق السعودي، ويرفعون العلم اليمني في مدن الربوعة والخوبة، ومواقع عسكرية عدة في جيزان ونجران وعسير، وصواريخهم تدك قاعدة السليل وقاعدة خميس مشيط، وتدمر أكثر من 98 موقعاً عسكرياً في نجران وعسير وجيزان وظهران الجنوب وخميس مشيط، واقتحام وتفجير أكثر من 76 موقعاً، وتدمير مقرات القيادة والسيطرة للجيش السعودي في نجران وعسير وخميس مشيط والربوعة والخوبة والطوال وأبو عريش والحرث، وقصور الإمارة في نجران وجيزان وظهران الجنوب.
بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر، وبعد عشرات المحاولات الفاشلة لاقتحام العاصمة صنعاء من مأرب والجوف، والتي كان آخرها المحاولات المتكررة أواخر شهر رمضان المنصرم، وخلال إجازة عيد الفطر المبارك، تأكد حكام مملكة بني سعود وحلفاؤهم في العدوان ومرتزقتهم المحليون أن صنعاء عصية على الانكسار والاستسلام، وأنها أبعد عليهم من عين الشمس، وما الزيارة القصيرة للخائن الفار هادي والخائن الفار علي محسن الأحمر، لمدينة مأرب، الأحد الماضي، إلا محاولة يائسة لرفع معنويات القوات الغازية والمليشيات الموالية للعدوان، وإشعارهم بأن الحسم العسكري لإسقاط العاصمة صنعاء بات وشيكاً، وهو مجرد حلم بعيد المنال. وعلى حكام مملكة بني سعود ومرتزقتهم في الداخل أن يدركوا أن صنعاء بعيدة المنال، لأن هناك رجالاً صناديد يحمونها، مسنودين بسكانها الشرفاء من كل مناطق اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات