جمهوريات الخليج الديمقراطية!
 

محمد عبده سفيان

من عجائب الزمن أن حكام مملكة بني سعود وشيوخ إمارات أبوظبي والدوحة والمنامة، نصبوا أنفسهم حماة للديمقراطية والحرية في الدول العربية، وكرسوا كل الوسائل الإعلامية التابعة والموالية لهم للحديث عن الديمقراطية والحرية وحق الشعوب في اختيار حكامهم، وكأنهم دول ديمقراطية من الطراز الأول، وشعوبهم ينعمون بالديمقراطية وحرية الرأي والصحافة، ويمارسون العمل السياسي والحزبي والجماهيري بكل حرية، ويختارون حكامهم وممثليهم في المجالس المحلية والسلطة التشريعية (البرلمان) عبر الانتخابات الديمقراطية بالاقتراع السري الحر والمباشر!
من عجائب الزمن أن مملكة بني سعود وإمارات الخليج أنفقت ملايين الدولارات لتمويل الفوضى التدميرية التى اجتاحت تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا والعراق، مطلع العام 2011م، لاسقاط أنظمة الحكم فيها، ليس ذلك وحسب، بل إنها مولت المليشيات المسلحة والجماعات الارهابية في هذه الدول بالاموال ومختلف أنواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة لاسقاط الانظمة فيها، والتي تمكنت من إسقاط النظام في ليبيا بمساعدة تحالف الشر العالمي بقيادة أمريكا، وفشلت في سوريا في إسقاط نظام الاسد منذ فبراير2011م وحتى اليوم.. كما فشلت في اليمن بإسقاط نظام صالح، حيث تعامل الرئيس علي عبدالله صالح مع تداعيات الازمة بعقلانية وحكمة، حتى بعد ارتكاب جريمة التفجير الارهابي لجامع دار الرئاسة، الذي أستهدف حياته ومعه كبار قادة الدولة والحكومة، حيث عمل على حقن دماء اليمنيين وتجنيبهم الانزلاق نحو المجهول، فقدم العديد من المبادرات والتنازلات لنقل السلطة بطريقة سلسة وديمقراطية، داعياً لاجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. فأصرت قيادات (التآمر المشترك) على تدويل الازمة، واشترطت أن يكون اتفاق نقل السلطة بإشراف الامم المتحدة وسفراء الدول الـ5، ليتم بذلك فتح الابواب على مصاريعها أمام التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية.. فتمت صياغة ما تسمى (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة)، لتصبح دول مجلس التعاون الخليجي - باستثناء قطر - شريكة في عملية الاشراف على نقل السلطة وتنفيذ مضامين وبنود المبادرة وآليتها التنفيذية المزمنة، والتي تضمنت أن يتم ترشيح هادي رئيساً توافقياً لفترة انتقالية حددت بعامين تبدأ من تاريخ انتخابه يوم 21 فبراير 2012م، والذي للأسف لم يعمل على إنقاذ سفينة الوطن من الغرق، وإخراج الشعب من دوامة الازمة الطاحنة الى بر الامان، بل عمد الى عدم الالتزام بتنفيذ مضامين المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة بحسب المواعيد المحددة.. كما عمد الى افتعال خلافات وأزمات جديدة أوصلت البلاد الى طريق مسدود كما هو محدد في سيناريو المؤامرة الذي أوكل إليه تنفيذه كما هو مرسوم للتمهيد لشن العدوان البريري الغاشم على اليمن من قبل السعودية وشركائها في عاصفة الجرم العربي، والذي كان قد بدأ الاعداد والتحضير له منذ العام 2014م، بالاتفاق مع أمريكا وبريطانيا.
من عجائب الزمن أن حكام السعودية وإمارات الخليج يشنون عدواناً بربرياً، ويفرضون حصاراً جائراً على الشعب اليمني منذ مارس 2015م، بمبرر إعادة من يسمونه الرئيس الشرعي الى الحكم، وهو لم يعد له أية شرعية بموجب الدستور والقانون.. ويعملون بكل الوسائل القذرة، ويدعمون بالمال والسلاح الجماعات الارهابية والمعارضة المسلحة في سوريا للإطاحة بالرئيس الشرعي بشار الاسد، ويدعمون الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة في العراق وليبيا حتى لا يتمكن الشعبان العراقي والليبي من بناء دولة قوية وتحقيق نهضة تنموية شاملة.. أما بالنسبة لمصر فالامر مختلف عن سوريا واليمن وليبيا والعراق، فحكام مملكة بني سعود ودويلات الخليج دعموا إسقاط نظام مبارك، ودعموا جماعة الاخوان المسلمين، وأوصلوا مرسي الى السلطة، وعندما تمت الاطاحة به وبحكم الاخوان من قبل الجيش بقيادة السيسي، والزج بهم في السجون، وقفوا الى جانب السيسي، وتخلوا عن الاخوان، وهنا تتضح المفارقات العجيبة.. فهم يعملون على إسقاط النظام في سوريا تحت مبرر عدم شرعية الأسد، بينما يشكلون تحالفاً عسكرياً من 17 دولة، ويعتدون على الشعب اليمني لإعادة رئيس انتهت ولايته ولم يعد شرعياً، وهذا يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن حكام السعودية ودويلات الخليج ما هم إلا دمى بيد أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، يحركونهم كما يريدون.

أترك تعليقاً

التعليقات