خطورة العدوانية والتعملق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يكفي أن تكون البداية لدى الحركات التي تنشد التغيير والإصلاح في الأمة سليمةً من العيوب وقائمةً على القيم الأخلاقية والقضية العادلة والمبادئ الرسالية، إذ لا بد من التقييم الدائم لجميع الأشخاص التغييريين بحيث نكتشف مدى الالتزام أو المخالفة للنظرية في ساحة العمل والتطبيق والممارسة، فقد تتراكم الإنجازات وتتعاظم النجاحات، وإذا بالضعيف قد صار قوياً، وأصبح الفقير غنياً، حينها ينتاب البعض الشعور بالقوة والامتلاء، الأمر الذي يجعله يتحرك بعدوانية تجاه مجتمعه، ويرى نفسه أعلى من الآخرين، فيتصرف وفق هذا الإحساس دون أن يضع أدنى اعتبار لكل ما يتصل بالمشروع التغييري من قيم ومفاهيم وأخلاقيات، وقد عرفنا بعض هؤلاء عندما كانوا مستضعفين، فقد كانوا أصحاب أخلاق ورؤية ودين، وما إن انتقلوا من حالة الاستضعاف والدونية والخوف والغربة إلى حالة القوة والنفوذ والتمكين حتى اختفت كل تلك السمات الطيبة وحلت محلها سمات أخرى تم لهم بموجبها تشكيل شخصيات جديدة تعمل بالظلم والعدوان وتسعى لانتقاص حق الآخرين وتمتهن كراماتهم وتعمل على قهرهم وإذلالهم.
لقد ظن هؤلاء أن قضية الحمل للأهداف الكبرى والدخول في معركة شاملة مع قوى الهيمنة والاستكبار تخول لهم أن يفعلوا ما يريدون ويتصرفوا كما يحلو لهم، متناسين قول الله تعالى: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين».
إن الانطلاقة من القضية العادلة والحمل للأهداف الكبرى لا يعطيان للتغييري الحق في أن يتصرف كما يحلو له، إذ عليه أن يظل مخلصاً للقيم الأخلاقية النبيلة والمبادئ السامية، التي شكلت قناعاته وبنت فكره وصنعت توجهه، أما إذا انسلخ عن كل تلك القيم وتنكر لكل تلك المبادئ فما هو الفرق بينه وبين من ثار مع مجتمعه ضدهم من الظلمة والمفسدين! قال تعالى على لسان موسى عليه السلام،: «عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون».
فالخروج من الضعف إلى القوة والتحول من المعارضة إلى السلطة هو بداية الطريق وليس نهايته، وجملة «فينظر كيف تعملون» هي المحك الذي لا بد علينا استيعابه حتى لا نكون صورة معبرة عمن سبقنا ونسخة مكررة لهم.

أترك تعليقاً

التعليقات