أفكار ضيقة الأفق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يدفعك بعض الناس من خلال مفاهيمهم عن الواقع وتصوراتهم لطبيعة ما يجري في محيطهم أو من حولهم وطريقة تعاطيهم مع كل ذلك حركةً وتعبيراً، إلى الغضب المعجون بالحزن والأسى والحسرة، نتيجة ما تلمسه من ضيق أفق لما يتداولونه من أفكار ويستنتجونه من أحكام ويتوصلون إليه من نتائج.
ففي الوقت الذي يدعو فيه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) إلى التوجه نحو الإصلاح والبناء للواقع على ضوء القرآن الكريم، يأتي بعض الناس ليقول لا حاجة لنا إلى أي تحرك ثقافي وفكري جاد ومدروس يعمل على طرح المفاهيم والقضايا بصورة شاملة لا تترك حيزاً لوجود ارتباك أو وهم حول أي قضية أو مفهوم في أي مجال أو جانب من مجالات الحياة وجوانبها، وإنما يكفي أن نتناول الأشياء كعناوين عامة تمكننا من إحداث تأثير آني لدى المتلقي والذي بموجب تأثره سيتحرك لاتخاذ موقف ما، وليس بالضرورة أن يصبح ذلك الموقف ناتجاً عن قناعة ومنبثقاً عن وعي ليتحقق لصاحبه الثبات عليه بالشكل الذي يكسبه الدوام والقوة والاستمرارية، بل المهم لديهم كسب اللحظة الزمنية الراهنة وتحقيق النجاح المحدود فيها، دون أدنى اكتراث بالتخطيط للمستقبل والعمل على دفع المجتمع لتحصيل موجبات صنعه.
ليس هذا فحسب، بل ستسمع من يقول: ما حاجتنا للجانب المعرفي والثقافي فقد شبعنا تنظيرات ومللنا من كثرة المناقشات والأطاريح والندوات والصحف والمجلات التي لم تحقق شيئاً، هكذا يقنعون أنفسهم ويعملون على إقناع من حولهم بصوابية وجهة نظرهم التي لا تصمد أمام النقد ولا تستند إلى أدنى أسس الصحة، وليس لديها ما يؤيدها من الواقع كشواهد لتجربة حية عاشها مجتمع تحرري في أي بقعة من بقاع الدنيا، الأمر الذي يجعل حركتهم تعاني من الاهتزاز ويعرضهم للارتباك في ما يقدمون عليه من أعمال ويتبنونه من مواقف، كما سيصبح النهج والخط عبارة عن عناوين لا قيمة لها لأنهم لم يلتزموهما كمنهاج للحركة ودستور للحياة، وإنما اقتصروا على ما يميزهم كفئة أو طائفة عن بقية الفئات والطوائف الموجودة بالساحة.
وهكذا يتحول الحق منهاجاً وطريقةً من عامل بناء وتماسك للأمة إلى عامل هدم وشتات وتفرقة ليندفع أبناؤها صوب العصبية العمياء بدلاً من الاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة والاختلاف والتنازع.

أترك تعليقاً

التعليقات