هذا زمان سماحته
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كان وحده كل شيءٍ بالنسبة لكل حسينيٍ حر، يعيش للحق، ويسعى لأنْ يخرج من درك الذلة والهوان والهزيمة.
إنه الكلُ وهو فرد، والموجودُ الوحيد على ثرى العالم العربي الذي ليس فيه سواه حياً حراً أبياً شريفاً، وما دونه غثاء، وأكوام من الدمى تعيش خارج التاريخ، وتتغذى على الاستلاب والتبعية، وإذا ما استنكر عليها بعض مَن لايزال لديه رمق من كرامة ووعي ونباهة، ولايزال يحتفظ بشيء من فطرته الإنسانية ما هي فيه من هوان وانعدام وزن وخنوع وعبودية؛ هربت من الحاضر إلى الماضي، لتعيش في ذلك الماضي الذي هو في معظم فصوله وهم ودجل وكذب واختلاق وتقديس للظلمة والفراعنة، وعفونة مذهبية وعصبية، وأدوات تفجير وتدمير للواقع، وأعواد ثقاب لإشعال الحروب البينية بين الطوائف والمذاهب، إذ وجدنا العرب وفي كل حرب إبادة يشنها معسكر الاستكبار والصهيونية على فلسطين وسواها من أقطارنا العربية؛ يكرسون جل وقتهم لتزييف وعي البسطاء، وإقناعهم بالانشغال بمواجهة الرافضة والشيعة الكفرة، ولا حاجة لنا بأي خطر يتهددنا، بل قد تراهم يقولون: إن اليهودي الصهيوني والغربي المستكبر أقرب إلينا من الشيعي المتخذ لعلي وبنيه أئمة وهداة!
ولم تتخفف أجيالنا العربية من كل هذه النكسات والهزائم والقذارات إلا حين أشرق من جبين نصر الله صبح النصر الأول بتحرير الجنوب في عام ٢٠٠٠م، اليوم الذي استعاد فيه العربي وجوده وكينونته، اليوم الذي اغتسلنا فيه بنهر نصر الله، ودخلنا إلى زمن النصر من بوابة الرفض، واستعدنا التاريخ من خزائن القصور لحكام الجور، وعبدة الطاغوت، وخلصناه من كل ما علق به من أدران، وعشناه في حاضرنا وعياً وحركة، فكان لا بد من حضور عشوراء في كل الزمن، وكان لا بد من كربلاء كي تنطبع عليها وبها كل أماكننا، وكان يجب على الحسين الحضور في محكمة التاريخ، وفي حركة الحاضر، فكان انتصار تموز ٢٠٠٦م، الذي كان زمن نصر الله، زمن الانتصارات، والذي بوجوده ولى زمن الهزائم.
لذلك ترى المثقلين بالعار، والمطبوعين بطابع الهزيمة، يكرهون سماحته، سواءً حينما كان بيننا أو عندما صار عند الله شهيدًا، وسيبقى قدس روحه هو الزمن، والمعنى الذي يضبط توقيت العالم -دائمًا- على موعد إطلالة سماحته!
إنه رجلٌ يعيد بحضوره، ودائماً تصنيف الناس، إذ بوجوده تتمايز الصفوف، ويفترق الناس إلى صفين، فلا أحدٌ منهم على حياد، لذلك لا غرابة أن ترى أراذل هذه الأمة، أولئك الذين يبغضونه، ويجاهرون بمعاداتهم له، ورغماً عنهم تجد لحضوره من قلوبهم رائحةً مميزة؛ إذ يكوي بحضوره جباههم المرذولة والجلود المعبأة بالعار، وقد أبان حقيقتهم سواء كان ذلك بسيفه بيننا أو عند بارئه شهيداً بدمه.
إنه في كل حالاته -بفضل الله- ينتصر، وإلا فانظر إلى أكباد أعدائه الآن، كيف كلما ذكرناه تغلي!
لقد أفقدهم توازنهم إلى الحد الذي جعلهم لا يصدقون أن مثله يُشيّع، أو يُستشهد، أو تجري عليه سنة الله فيموت!
لقد كان استثنائيًا إلى حدٍّ فَتَنَ حتى أعداءه، ونستغفر الله، فما كان إلا عبدا من عباد الله الصالحين، وإذا كان قد قالها بأنه حتمًا بإذن الله سينتصر؛ فإنه لم يزعم وحاشا أن يكون من الخالدين.
وعن النصر؛ فقد أوفى بوعده وأيضاً شهيداً! فهل يأبه بغير المنصورين أحد؟!

أترك تعليقاً

التعليقات