حلمٌ قابلٌ للتحقق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لن يستقيم لنا أي عمل في إحداث تغيير أو إصلاح للواقع السلبي برمته الذي نعايشه في كثير من المؤسسات والقطاعات الإدارية والخدمية إلا إذا قمنا بثورة ثقافية، ثورة تبني الفكر وتوجد من كل قطرة دم سالت في كل بقعة على أرضنا الطاهرة آلاف الأبطال والمضحين الذين سيسيرون في درب من سبقهم في ميادين التضحية والبذل جيلا بعد جيل فثورتنا الشعبية التي اقتلعت رموز الفساد بحاجة ماسة للفكر الذي يسندها في تعزيز مواقعها وصون مكتسباتها وأهدافها والدفع بها أكثر إلى الأمام لتحصل على مواقع وطاقات جديدة تحقق لها الرسوخ في أعماق الأرض وتوجد في النفوس البذور التي ستنتج الصلاح  الداخلي فيتحقق بذلك البناء للواقع كله، فبالفكر وحده نستطيع أن نبني حضارة عمادها العدل وقوامها الإنسان وهدفها النيل لرضا الله.
ولسنا في الحقيقة نعاني من الافتقار للمنهجية التي ستحقق لنا التقدم الفكري، فلدينا المنهجية التي قامت فصولها على أساس القرآن واستوحت مضامينها العملية من خلال سيرة ومسيرة قرنائه عليهم السلام ولكننا عادة ما نضرب عنها صفحا استجابة لما جاء من عند أنفسنا، أو إرضاء لنافذٍ هنا أو هناك، أو رغبة في الحفاظ على مكانة وصلنا إليها، إذ صرفنا كل ما لدينا من جهد في البحث عن الكم من الناس دون أن نلقي بالا للكيفية الفكرية والسلوكية لهؤلاء الذين لا يملكون أي قدرة أو قناعة تؤهلهم ليكونوا جزءا من البنيان الحامي للثورة  والمعني بحمل رسالتها إلى العالمين.
إن المراقب للحركة الفكرية والثقافية اليوم يجدها أكثر خواء وانحسارا وسطحية ولم يسبق لها أن وصلت إلى ما وصلت إليه في الماضي مع أن الظروف مهيأة لإحداث نهضة فكرية بكل المقاييس، فسيد الثورة حريص على الدوام أن يضع بين أيدينا الرؤى التي تمكننا من فهم الأحداث واستيعاب المستجدات وإيجاد المحددات لرسم الاستراتيجيات والخطط التي من شأنها أن تسهم في تحقيق النجاح بحركتنا العملية في كل مجال من مجالات الحياة، ولكن كيف لنا أن نستفيد من كل ذلك وقد أصبح توجهنا في خدمة الشخصيات ذات الثقل المالي والنفوذ المجتمعي مبتعدين آلاف الأميال عن رواد التغيير وسادة الفعل الثوري  عبر الزمن من الذين لا رغبة لهم ولا قصد إلا ابتغاء وجه الله، إنهم الفقراء والمحرومون الذين هم مؤهلون بالفطرة لنصرة دين الله وحمل غاية الرسالة الخالدة.
إن مشروعنا الثوري يمتلك القدرة على الانتشار وهو ما يتطلب العمل على إيجاد منهجية إعلامية وخطابية قادرة على مخاطبة كل الجماهير وليس جمهورا طائفيا أو مذهبيا يتناسب هذا الخطاب مع عالمية الإسلام وينطلق من مبدأ قوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».
وأخيراً، إن الحضور الفاعل لتيار الوعي في عمق التجربة الثورية، ومحاولته مراكمة الجهود والأفكار والمعارف، وإكمال مسيرتها وليس الذوبان فيها أو التحليق حولها، قد يهز جدار الصمت في الخطابات المذهبية والطائفية، ويعيد الرشد للنزعة الإنسانية في الدين، ليرسم مسارات إعلامية عالمية قادرة على الجذب ومانعة للصد وقادرة على إزالة الموانع أمام وظيفتها في هداية الناس ليس بالسيف ومنطق القوة، وإنما بسلاح الكلمة والعقل وقوة المنطق.

أترك تعليقاً

التعليقات