في المسكوت عنه
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لطالما تسببت العقليات القاصرة ذات الثقافة المحدودة بكوارث ونكبات أُصيبت بها الأمة والمجتمعات، وخصوصاً عندما تعطي المجتمعات لتلك العقليات مهمة القيام بالدور التوعوي والتعبوي والتثقيفي والتعليمي والتربوي، حينها يصير الواقع مُهيأ لأن يستنوِق الجمل لدى كل عين ويتساوى البحران، وتصبح ملوحة أحدهما وعذوبة الآخر مجرد أشياء لا معنى لها، باعتبار أن مقياس التمييز بين الشيء وضده وبين الحق وما خالفه منعدمٌ تماماً لدى تلك العقليات.
وبما أن العقلية القاصرة والفهم البسيط والثقافة المحدودة هي التي تتصدر ميدان الدعوة إلى التفكر والاعتبار والتبصر والوعي، وهي التي تعنى بإعداد وتقديم العلم والمعرفة لمن حولها بالشكل الذي تختار، ووفق النمط الذي تقرر، وضمن القوالب التي لا تجد غيرها، فالنتيجة محسومة سلفاً، ومعروفة مسبقاً، وهي أن يصبح لذلك الفهم المغلوط والفكر السطحي والثقافة الضحلة امتدادٌ وجودي في حياتنا، وسنجد أنفسنا مجبرين على أن نتعايش مع الكثير من الشخصيات التي هي في الأصل نسخة من تلك الشخصيات التي مثلت أفكارها وكلماتها وتجاربها وطرق فهمها للحياة وأساليبها في التعامل مع الأحداث وتناولها للقضايا والإشكاليات، البذورَ لزرعٍ لن يحصد المجتمع منه سوى الخيبةِ والندامة.
وعليه، فإن من أوجب الواجبات اليوم علينا جميعاً تجاه ثورتنا المجيدة، وهويتنا الإيمانية الجامعة، وثقافتنا القرآنية الشاملة، وقيادتنا الرسالية الصالحة، وتضحيات مجاهدينا وثبات وصبر شعبنا، الاهتمام بالجانب الذي تقع على عاتقه مسؤولية التبيين للمنهج الذي نتبع والطريق التي ندعو الناس إلى السير عليها والقضية التي نحمل والهدف الذي نريد والمبادئ التي ننتمي إليها ونتمثلها.
ولعل الإعلام هو القناة الأوسع التي تمكننا من الوصول لأكبر قدر من المجتمع، لا سيما الإذاعة بالدرجة الأولى، لأن السواد الأعظم من أبناء مجتمعنا اليمني لايزالون يعتمدون على جهاز الراديو لمعرفة ما يجري واكتساب المعارف والوعي إزاء ما يواجهونه من تحديات ويعايشونه من أوضاع، وهذا يدفعنا للعمل على الارتقاء بما تقدمه الإذاعة كماً وكيفاً وأسلوباً وعرضاً وأداءً، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال افتقار الإعلام المسموع إلى النماذج المشرفة الذين مثلت خطواتهم نقاطاً مضيئة في زمن الصمود في وجه العدوان، لكن هذا لا يمنع من مراجعة الأداء وتقييم الوضعية بشكل دقيق ومنطقي ليصل المتأخرون ويستمر المبدعون ويتزايد العطاء في حقل الارتقاء بالمجتمع وتبصيره بما يجب عليه القيام به.

أترك تعليقاً

التعليقات