ورد ومورد «الحلقة السابعة»
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ومن مقام الابتداء بالثناء على الله لما هو أهله، مستفتحين ذلك بالحمد له، نطل على حصيلة ما نردده من ثناء على الله ونطلق به ألسنتنا بذكره، إذ يمنحنا السداد في القول والفعل والموقف وفي كل ما نفكر به وندعو إليه وندافع عنه؛ كيف لا والصواب في كل ما وجدنا أنفسنا مصيبين فيه ومسددين في خطواتنا التي أوصلتنا إليه ما هو إلا نتيجة تسديد الله لنا وامتنانه علينا بالهداية والرشاد في كل ما قمنا به ورزقنا الاستقامة عليه، فلن ننحرف ولن نضعف ولن نتراجع؟!
هكذا يقدم لنا دعاء الافتتاح بنية المؤمن في الجوانب كلها التي تتعلق بشخصيته، فهو ذاك الذي بلغ في معرفته بالله والإيمان به سبحانه درجة اليقين التي بموجب الوصول إليها طابقت معتقداته أعماله وتجلى إخلاصه في استمرارية سيره ودوام ثباته ومستوى استعداده للتضحية بكل ما يملك رغبةً بنيل كل موجبات عفو الله عنه ورحمته له، فهو ينطلق يقيناً من أن الله هو أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، أي أن رحمة الله وعفوه لا ينالهما إلا من علم الله أن في العفو عنه والرحمة له خيراً، بحيث يصبح عفو الله وتصبح رحمته ملاذاً لكل من لا يزال في نفسه خير، وهما لا يعطيهما الله لأحد من عباده إلا العبد المستحق للعفو والرحمة.
ثم إن انطلاقةً تقوم على اليقين بالله تعالى والمعرفة له سبحانه في عظمته ونعمه والثقة به وفي وعده ووعيده تجعل صاحبها لا يخاف من وعيد المجرمين ومن التهديد بالنقمة والنكال من قبل المستكبرين، لأن معرفته بالله تعالى تجعله يرى كل ما يهدده أولئك ويتوعدونه به لا قيمة له، لأنه يدرك أن كل شدة قد تلحق به من قبل هؤلاء ليست شيئاً أمام عقاب الله وتنكيله ونقمته.
وبالتالي منهم هؤلاء الذين يستكبرون في الأرض ويدعون لأنفسهم العظمة أمام أعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة؟! فهو الكبير المتكبر الجبار القوي القادر، فلا أحد من المستكبرين يقوى على منازعته كبرياءه، ولا أحد من الجبارين يقوى على مغالبة جبروته وقوته. ثم إن صفة الكبرياء والجبروت موضع ذم للمخلوق، لأن تكبره وتجبره قائمان على طمع وانحراف وجشع وظلم وطغيان بما لا يملك وبما لا يقدر على جعله حالة ملازمة له.
أما الله سبحانه فهو الكبير المتكبر الجبار، لأن الكبرياء له والعظمة موضع دل عليه، ولأن كل جبروت مجبر على الخضوع له، فهو وحده جبار السموات والأرض.

أترك تعليقاً

التعليقات