شخصيات عاجية
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
هناك الكثير من المفاهيم والقيم والمبادئ التي يعد وجودها دليلاً على الالتزام الصحيح بدين الله، وشاهداً على مدى الاندماج بين الذات والعقيدة الإيمانية العظيمة والشاملة، بحيث تصبح الأفكار والقناعات والتحركات والمواقف في مختلف الأمور وشتى المجالات المتصلة بوجود تلك الذات، سواءً كنا نريد بها الفرد أو المجتمع ككل معبرة عن نظرة تلك العقيدة، وموحية بمدى قدرتها على تقديم الحل في جميع القضايا، في زمن اللاحل، تتعرض اليوم للأسف الشديد لخطرٍ قد يتمكن من قتلها وهي لاتزال في طور النمو والتكامل والنضج، ولم يتعد نشاطها الحقل الثقافي والفكري، الذي من خلاله ستدخل إلى كل الحقول والميادين الإنسانية الأخرى، سياسةً واجتماعا واقتصادا وغيرها من الجوانب، التي يتم بموجبها بناء واقع قوي وفعال على المستوى العام المتمثل بالشعب أو الأمة، أو على المستوى الخاص المتمثل بالسلطة أو النظام الحاكم أو الدولة بجميع مكوناتها وعناصرها، ولم ينشأ هذا الخطر نتيجة التوجه العدواني لقوى الاستكبار والكفر والنفاق والانحراف، التي دخلت معركتنا معها عامها الثامن، وإنما نتيجة قصور في النظرة وافتقار للأسلوب السليم، من قبل معظم الشخصيات التي تتحرك في الميدان التوعوي والتعبوي والتثقيفي، وتحظى باحترام كبير ومكانة مرموقة في عين غالبية المكون الحركي الجامع لكافة أبناء الوسط الثوري، لكونها باتت شخصيات عاجية بكل ما لهذا اللفظ من دلالات ومعانٍ، إذ ن معظم حديثها بعيدٌ كل البعد عن المنهجية القرآنية، وأساليبها في الوعظ والإرشاد والتعبئة والتثقيف ومنفصلةٌ تماماً عن أساليب وطرق الأنبياء والأئمة وأولياء الله من أعلام دينه والصالحين من عباده صلوات الله عليهم أجمعين، إذ تجد الفضاضة والغلظة والطبع القاسي والفج في كل ما يناقشون أو يطرحون، كبدائل عن الرحمة واللين والأساليب الجذابة والكلمات المؤثرة التي تتخذ من القلوب طرقاً تصل من خلالها إلى عقل المخاطب، لتخلق فكراً خلاقاً وبصيرةً نافذةً ووعياً ثابتاً ودائما، لدى جميع مكونات مجتمعنا وفئاته.
وما يجعل مَن يستمع لتلك الشخصيات العاجية يموت حزناً وكمداً، هو مدى حرصها على استرضاء الجبهات والخطوط المعادية لتوجهنا وخطنا وثورتنا، فقد تخصص عشرات الحلقات ومئات المنشورات والمقالات وآلاف التغريدات، من أجل بيان تصورهم الخاطئ حول جزئية ما من الجزئيات التي اشتملت عليها الثقافة القرآنية، وقد تدفعها رغبتها الجامحة لاجتذاب أولئك المعادين لمسيرتنا وثورتنا، لاسيما إذا كانوا من الوهابية والتكفيريين، إلى تقديم تفسير مخالف لمضمون ما ورد في كلمة أو نص لأحد قادتنا وعظمائنا، وخصوصاً دروس ومحاضرات الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، المعروفة باسم دروس من هدي القرآن الكريم، إذ تعمد بعض تلك الشخصيات لتقديم مفهوم متناقض مع المفهوم القرآني الذي يبينه الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، وبشكل اعتسافي يحاولون عبره تسطيح قضايا مصيرية، أو تكوين ضبابية حول حقيقة تاريخية، لا لشيء إلا لكي يجعلوا الحق منسجماً مع أهواء ورغبات وأمزجة وعقائد أهل الباطل، ويحظوا باحترامهم، وينالهم شيءٌ من ثنائهم وإعجابهم.

أترك تعليقاً

التعليقات