في المسكوت عنه.. ذهنية القطيع
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
في الوقت الذي يحقق فيه أبطالنا المجاهدون أعظم الانتصارات التي يترتب على نتائجها مصير الوطن والمنطقة، يأتي بعض الساسة والمثقفين والناشطين المحسوبين على جبهة الحرية والاستقلال لينادوا بعودة الخونة والمرتزقة والمنافقين والعملاء، وتحت شعار الوطن يتسع للجميع، الجملة التي كلما سمعتها تجاذبتني نوازع الخوف وخيمت عليَّ صنوف الأسى والحسرة.
فليت المتبنين لهذه المقولة تأملوا قليلاً في إيحاءاتها قبل أن تتلفظ بها ألسنتهم ويثقلوا على مسامعنا بها ليل نهار، لاسيما وقد أفرغ لها بعضنا جهده فباتت شغله الشاغل، بها يفتتح حديثه وبها يختم، فهي الغاية والقصد مما يقول ويكتب على مدار الساعة، وهي الكلمة الأقرب إلى قلبه والشعار المحبب إليه. صحيحٌ أن هناك الكثير من الناشطين والإعلاميين باتوا يرددونها كذلك في برامجهم وكتاباتهم، ولكنهم في الأصل ضحيةُ التقليد والتبعية العمياء لسياسيين وقادة رأي وأرباب فكر ومثقفين زرعوها في عقولهم وقلوبهم، فأخذوها على غير بينة من أمرهم ودون هدى، ليرسخوها في الذهنية العامة كثقافة يجب تبنيها والعمل بها، لماذا؟
لأن السياسي الفلاني قالها، والكاتب الكبير والمشهور أوردها، والمفكر المرموق نادى بها، وهكذا ينشأُ القطيع الذي ما عليه سوى التصفيق والهتاف المصحوبين بالصخب والانفعال، فليس المطلوب مني أن أفكر وأدقق في ما يجب أن يُقال استناداً إلى المنهجية القائمة عليها حركتي، وإنما المطلوب مني أن أردد ما يقال من قبل أولئك الرموز والكبراء، وهكذا يصبح الواقع قائماً بهم، لأن كل ما فيه ليس سوى صورة مكررة لهم فقط لا غير.
إن مقولة "الوطن يتسع للجميع" تعني في بعض ما نستوحيه بفكرنا البدائي وفهمنا المحدود والبسيط، أن الثورة ما جاءت إلا لتنتهي، فبعد كل هذا الصبر والصمود وبعد كل هذه التضحيات عليَّ العمل على استيعاب الصحيح واللصيق والمؤمن الحقيقي والمنافق الطليق، فهم سواء ومن حقهم تولي المناصب وإدارة البلاد فلا فرق بين من صوب بندقيته في صدري وبين من ضحى وجاهد وبذل دفاعاً عن حقي في الحرية والسيادة والاستقلال.

أترك تعليقاً

التعليقات