موجبات الانتماء السليم
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يكفي في مسألة الانطلاقة لتغيير الواقع وإقامة الحياة على أساس الحق وفق المنهج الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى، تحقق القناعة الفكرية، وحصول اليقين القلبي المطلق لدى المنتمين إلى دين الله بحيث يعيشون ما وعوه من الحق حالةً ذهنية لا تمتلك القدرة على الخروج من داخل ذواتهم إلى محيطهم الحياتي والعملي، الأمر الذي يجعلهم ينظرون إلى ما حولهم نظرةَ الحالمين بغدٍ أفضل مع استسلامهم إلى نومٍ عميق، وتحليقهم في فضاء التمنيات بأفكارٍ سابحةٍ مع الخيال ومطبوعةٍ بطابع التجريد، بل لا بد من أن يترافق مع ذلك اليقين وتلك القناعة تصديقٌ باعثٌ على الاتباع لرسل الله وأوليائه والاقتداء بهم، ضمن برنامج عملي شامل، مستندٌ إلى قوة في الالتزام ونشاط دائم في الحركة على كل المستويات، هذا من جانب.
ومن جانب آخر لا بد أن يعي كل من عرف الحق أن حصول تلك المعرفة التي ستحقق له الصلة بالحق وأهله بالمستوى الذي يجعله يحس بمعنى الانتماء الذي يقضي باتحاده مع آخرين خطاً ومنهاجاً وموقفاً، وابتعاده عن فئات وجماعات أخرى قد تقف منه موقف الضد الذي يصل في معظم حالاته إلى الدخول في مواجهة مستمرة وصراع شامل وعام، لا يعني بأي حال من الأحوال أن يجعل من ذلك الانتماء عالمه الخاص فيقتصر في تواضعه الجم وتعامله المعبر عن عظيم الأخلاق الحسنة، المتجسدة في جميع خطواته محبةً ورحمةً وإحساناً على المحيط الذي يضم تلك الفئة التي ينتمي إليها، وإذا ما التقى بمَن يحملون بعض الأفكار التي تتعارض مع أفكاره وقف منهم موقف العدوان، مغلباً الفظاظة في التعامل والغلظة في الحديث بينه وبينهم على كل تلك المعاني والقيم التي يحث عليها دينه العظيم ونهجه القويم، وقد يدفع بعض العاملين للحق ممَن يتأطرون بإطار مؤسسة أو جهة التعامل مع كل ما يقدمه أبناء ذلك الفكر الذي يرتبطون به جميعاً من ملاحظات عن تلك المؤسسة أو الجهة وعن قصور القائمين عليها إلى اتباع ذات الأسلوب المشار إليه أعلاه، لأن هناك قصورا في استيعاب النهج، وخللا في معنى الانتماء، الذي يؤدي في النهاية إلى الإرباك في كل شيء كنتيجة طبيعية لعدم تربية النفس التربية الواعية التي تمكنها من استيعاب حدود ما تنتمي إليه وتعرف مقتضياته.
إن انتماءك للحق يفرض عليك التعامل مع كل ما تلتقيه في طريقك من أفكار وتستمع إليه من كلمات وتصطدم به من مواقف بحكمةٍ وأناة، لتتمكن من معالجة كل ذلك بالأسلوب الذي يناسبه، ولتهتدي أيضاً إلى الموقف والطريقة اللذين لا يخرجانك عن جادة الصواب، ولا يؤديان إلى مضاعفة المشكلة واتساع دائرة البعد والهوة بينك وبين الناس في مجتمعك، كما يجب على من ارتبط بالحق أن يدرك أنه معنيٌ ومكلف بإيصال ما يؤمن به إلى كل العالم، وهذا يتطلب منه تتبع إيحاءات القرآن التي تشرح وتبين كيف كان رُسل الله وكيف كانت خطواتهم وتعاملاتهم في طريق الهداية للناس إلى سبيل الرشاد.

أترك تعليقاً

التعليقات