فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
عجوز في نهاراتها الأخيرة اضطرت أن تكون آخر الصف في صيدلية تاجر قاسي القلب، كأي تاجر تافه لا دين له غير تجميع النقود وعبادة الدولار. بادرها: ضغط وسكري وفشل كلوي! يكلف علاجك 45 ألفاً يا حجة! قدمت له 15 ألفاً: والله ما معي غيرها!... وأنا ما اعمل لك يا أما؟!... هات لي بالمبلغ الموجود، أنا تاعبة!... لازم المبلغ كامل!... تقدمت سيدة فاضلة: كم تشتي يا أخ؟ كم المبلغ الباقي؟ 30 ألف. قالت له: هذه 20 ألفاً وهذا خاتمي رهناً بالعشرة الباقية. قال له صيدلي معه: والعشرة اقطعها من حسابي، بينما كانت العجوز تحدق في وجه السيدة الفاضلة وتركت علاجاً كانت قد عزمت على شرائه.
نعلم ويعلم وزير الصحة أن 80% من الأدوية مهربة، شأنها شان قطع الغيار، شأن سلع كثير من الأغذية الفاسدة، ويعلم سعادة الأخ عفواً معالي الأخ الوزير أن هذه الأمراض التي تعاني منها أمنا العجوز تقوم أي دولة بتوفيرها مجاناً، لأنها أدوية يستعملها المريض حتى يجعل الله له سبيلاً. أما الموقف الذي استدعى عيني لذرف دموع فهو موقف السيدة الكريمة النبيلة التي دفعت مبلغاً ربما كانت أحوج ما تحتاجه وعرضت خاتمها للرهن، فولت باكية لأنها لم تجد بقية العلاج، فدعوت الله أن يجزيها خير الجزاء، وأن يشفي مريضها، وهي تذكرنا كم هو اليمني مؤمناً ومؤثراً على نفسه المسكين والمحتاج. أما الصيدلي فحسبه أنه لئيم بخيل، لا بارك الله له ولا بارك بالمسؤول الذي لا يوفر للرعية الفقراء، المسؤول عنهم يوم القيامة.
هل نريد قانوناً ينصف المرضى الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا؟!

أترك تعليقاً

التعليقات