فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

لم يكن الإعلام العربي قد اهتم بما يواكب إظهار التطبيع الذي يوازي بالصوت والفكرة والمعنى ليكون "التضييع"، وأن العرب والمسلمين هم المعنيون بهذا الاستهداف المباشر من أعداء الأمة، لاجتثاث هويتهم الثقافية والمواطنية بما في ذلك الجغرافيا... الخ.
وعندما ضاق الأوروبيون باليهود خيروهم بين وطن في أوروبا أو أن يظلوا في المكان الذي ولدوا فيه وعاشوا فيه. اختاروا فلسطين، لأنها في ثقافتهم الدينية التلمودية والتوراتية مكان العروج بهم إلى العالم ليحققوا النبوات، وهي حكم العالم باعتبارهم أحباب الله وأولياءه، لأنهم أبناء الرحمن ولأنهم الجنس المختار الذي ما خُلق العالم إلا ليكون خادماً لهم وليس عليهم يفصل القرآن ذلك في آيات كثر. فلسفتهم العقيدية هي عقيدة أنانية، إذ قالوا إن أموال الدنيا ونعم الله على عباده إنما هي حق لهم وأنه ليس عليهم في الأميين من سبيل. أما الأرض القريبة والبعيدة قارات اليهود وحدهم وأنهم سادة العالم والباقي عبيد.
وزار اليهودي مناحم بيجن بعد توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" القاهرة ورغب أن يزور أهرامات الجيزة، فقال للسادات وهو يشير إلى الأهرامات: انظر إبداعات أجدادنا اليهود الذين عمروا الأهرامات على أن تعود هذه الشوامخ إلينا في القريب. ويبدو أن الراحل أنيس منصور الذي كلفه السادات برئاسة مجلة "أكتوبر" أراد أن يمزح فقال وهو يخاطب رئيس وزراء "إسرائيل" بيجن: ما رأيك أن يقاسمك فخامة السادات دخل الزوار للأهرامات النصف بالنصف؟! فقال السادات: "أوعى يا أنيس إن السيد بيجن قد يلغي كامب ديفيد ليضيف عبارة هذا الاقتراح إلى الاتفاق". 
إن التطبيع لن يقترح الانسجام الثقافي والاقتصادي والسياسي، ولكن قد يحول بلدان الخليج إلى قواعد عسكرية لليهود بالرضا أو الغصب ومن قرر أنه "تاجر البندقية" سيتضح له أن الأمر أكبر. السعودية صاحبة التطبيع وأسهمت بمليارات ليتحقق حلم اليهود ليس من "النيل إلى الفرات" وإنما من المحيط الثائر إلى الخليج الهادر. والله غالب على أمره.

أترك تعليقاً

التعليقات