فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

تقوم أي ثورة، في القديم والحديث والمعاصر، لمقاومة الظلم الذي يجعل –بطبعه– استعباد الإنسان وجعل الشعوب ترزح تحت مطارق الظلم والاستبداد. وعندما نقرأ تاريخ اليمن المعاصر نجد أن بعض الأدبيات عند بعض رجال التنوير ماثلة بارزة في عميق شعورهم. تجسد ذلك في عناوين كثيرة أبرزها كتاب "طبائع الاستبداد" لرجل الفكر والتنوير خارج اليمن، عبدالرحمن الكواكبي، وكتاب ضاع صيته يتمثل في "تفسير المنار" لرشيد رضا. وأما الأعمال الأدبية فقد كان لها فعلها في زرع مشاعر التنوير في اليمن وتتمثل في عناوين، هي دواوين شعرية لرواد الأدب في القديم والحديث والمعاصر، وهي التي دفعت الشعب اليمني إلى أن يكون سيد نفسه، فلقد أحدثت هذه الأدبيات ثورة تنويرية لخصها رفضا أمير المؤمنين أحمد بن يحيى حميد الدين؛ إذ قال لرجال بلاطه من المفكرين اليمنيين شعراء وأدباء إذ خرج عليهم بسيفه الصقيل يقول لهم: "والله لأروي سيفي من دماء العصريين"، ولهذا أحس بعض القوم بأن السيف سيكون حقيقة لا مجازاً، وإثر هذه العبارة أحس بعضهم بأنهم مرشحون لإرواء السيف من دمهم، فكانت الغاية الهروب إلى عدن لينشئ حزب الأحرار. ولأننا نتابع حركة بعض الدواب التي حملت هؤلاء العصريين إلى عدن، المدينة التي آوت بعض المنورين من رجال الحكم وفتحت صدرها لشعراء المعاصرة والثورة وكان على رأسهم الأساتذة أحمد محمد نعمان من "ذبحان ـ الحجرية"، وأحمد محمد الشامي من حي "القزالي" من أحياء مدينة صنعاء، ومحمد محمود الزبيري من "بستان السلطان" حي من أحياء العاصمة صنعاء. 
وليس من شك أن هذه الثورة قد ارتوت من سيف الإمام دما نجيعا، فقتل أمير المؤمنين من قتل من علماء الأمة من أحرار اليمن الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل رفع المظالم عنهم وعن غيرهم من رعايا "أمير المؤمنين". وليس من شك في أن هناك أناساً يتسللون لواذا إلى صف الثورة في سبيل مصالحهم الشخصية، ولذلك قيل: الثورة يفجرها الأحرار ويفيد منها الانتهازيون، في كل زمان ومكان. وإذا كانت الثورة اليمنية التي ابتدأ سناها من أواخر الثلاثينيات واستمرت يتراكم أنينها حتى كانت الثورة الأخيرة 26 سبتمبر 62 وابنتها الوليدة 15 سبتمبر بقيادة أمين الأمة وحافز إشعالها السيد الكريم الأسوة والقدوة عبدالملك بدر الدين الحوثي فإننا نخاطبها بلسان الأمة أن تقوم الآن وعلى الفور بانتقال السواد الذي نحسبه يلطخ طهارة هذه الثورة وتلقائيتها، ونتوقعه أن يرفع هذا السواد لتستمر هذه الثورة ناصعة في الضمير وفي العلن، وأن ترفع ما بقي من السواد أيضا برفع مظالم لا تزال جاثمة على عاتق كثير من أبناء شعبنا المظلوم. إن هذا السلوك القبيح الذي يظهر من خلال الثراء المفرط من زمن قديم ومن زمننا الحالي عند بعض الناس يجعلنا نحرك أسبابا بموجبها ترفع هذه المظالم ليأتي دور كبير يقوم به رجال القانون الذين نطمع أن يعكفوا على إصدار قانون يقوم بتجريم هذه الأيدي الآثمة التي سطت على مقدرات الأمة في جنوب اليمن وشماله وشرقه وغربه بكل قبح وبجاحة بدون حياء أو خجل. ولسنا المثل الوحيد، فقد كانت مظاهر النبوة تعاني من هذا السلوك، ليس ساريا عند مشركي مكة وحسب بل عند منافقي المدينة، فكان ثراؤهم يصل حد الفحش، فنزلت بعض آيات تنادي بتطبيق فريضة الزكاة، ولكنهم منعوا هذه الفريضة، لأنها في نظرهم تأخذ مالا من حقهم دون وجه حق، فرفض الرسول الكريم استلام زكاتهم فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، ورفض من بعده أبو بكر وعمر أن تؤخذ هذه الفريضة من الأغنياء فترد للفقراء، لأنها زكاة لوثها النفاق. ومن هنا يكون لزاما أن تقوم الدولة بواجبها ليكون سلوك الثورة والثوار واضحا في سبيل تخليص الأمة من الفقر والسلوك المزعج الذي يمتطي أسباب فعالية الثورة ليأخذ هؤلاء المرجفون الذين سخروا كل إمكاناتهم لضرب الوطن من السماء وحرب الأرض من الداخل. 
وأخيرا كلنا فخر، لأن ثورتينا السبتمبريتين، الأصل والفرع، قادرتان على مقاومة أي انتهازية تضر بسمعة هاتين الثورتين المجيدتين. والله من وراء القصد وعليه التكلان. 

أترك تعليقاً

التعليقات