فضول تعزي (1-2)
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

أسس عبدالعزيز بن سعود جيشاً ذا أيديولوجية (الوطنية السعودية)، واختار لهذا الجيش مصطلحاً مبتكراً، وهو "الإخوان" يقوم على الولاء المطلق لعبدالعزيز وأبنائه، لكي تكون لهذا الجيش كل الجزيرة العربية وما تيسر من جزر، ليست جزيرتا تيران وصنافير إلا مثلا بسيطا على سياسة "الاحتواء والنهب". وحاول الطرفان: الدين وتمثله الوهابية التي تأسست على فكرة محو الشرك الذي يعتقد هؤلاء الوهابيون أنه "الشرط" قد سيطر على أرجاء الجزيرة العربية، فمضى الطرف الوهابي يقتل المشركين تارة وتارة أخرى يفسح للطرف الثاني السياسي الطريق للسيطرة السياسية لضم وإلحاق ما تيسر من الأرض ليتمدد على نحو سافر وساخر في أرض الجوار، لتتأهل الجزيرة كلها فتكون الفكرة قد أصبحت ناضجة، فيكون عبدالعزيز ملك الجزيرة على أرض فتحت بالسيف، "سيف الدين" من ناحية و"سيف الدنيا" من ناحية أخرى؛ "تنومة" مثلاً.
لقد تطور الأمر بعد ذلك إلى فعالية جديدة تمثلت برؤية الملك فيصل بن عبدالعزيز بن سعود، وهي أن يطرح "عسكرة" من طراز جديد، وهي شراء مرتزقة من الخارج لا يشكلون خطراً على المملكة، فناقش الأمر مع إخوانه الأمراء، الذين رحبوا بالفكرة، فكان أن استضاف وبشكل علني وسري الجنرال الباكستاني ضياء الحق، الذي شبه له فيصل "الزيود" بأنهم لا يقل خطرهم عن خطر "الهندوس" الهنود، فإذا لم يتحقق هذا التعاون فإن الحرمين سيقعان تحت سيطرة "الزيود" المشركين. ودفع فيصل ميزانية عامين للجنرال الذي أرسل مدرار الدموع وهو منفعل بكلام فيصل، الذي بدوره كان يجفف دموعه بـ"غترته"، فيما لو حصل أن استولى "الزيود" على الكعبة. وهي فكرة محمد بن سلمان الآن. وفيما يتعلق بفتح المجال لتخريج جيش وطني سعودي فإن الأمير سلطان كان ذا رأي أكثر وجاهة، وهو أنه في حال فتحت المعاهد والكليات العسكرية فإن الحكم سيغادر بني سعود، وضرب مثلاً غلطة إمام اليمن الذي أوفد بعثة عسكرية إلى بغداد، أولئك الذين مثلوا رصاصات ضربت عمق الإمام، فكانوا نواة الثورة اليمنية فيما بعد. وعند طرح فكرة أن يرسل السعوديون إلى الخارج فإن الفكرة الوهابية اقترحت بضعة أشهر "لتحصين" أي بعثة إلى الخارج بأخلاق الإسلام. واكتشف الأمر فيما بعد أن هذا الإجراء غير جدير بالاستمرار، وأنه بحسب التقارير التي هي من اختصاص الأمير نايف بن عبدالعزيز فإن هؤلاء المبعوثين بدؤوا يختلطون بعرب مسلمين من الجزيرة وليبيا، وبالتالي قد يشكلون بذور ثورة حقيقية ضد أسرة بني سعود. وعند تجاوزنا بعض التفصيلات فإن من المهم الإشارة إلى أن هناك وطنيين شرفاء في الجيش السعودي، عساكر ومثقفين، قادرون على التعبير، ولكنهم يعدون أنفسهم ليكونوا ثورة حقيقية ضد أسرة بني سلول الطاغية.

أترك تعليقاً

التعليقات