فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

كنت خارج الوطن حين قيل إن مسؤولاً في الدولة (فخامة الرئيس المشاط) اعتذر عن عدم صرف نصف المرتب. وهذه العبارة إن كانت صحيحة تدل على أنها انطلقت من قلب وجيع وهمّ ثقيل، وكان السماعون لهذه العبارة قد دخلوا بالتفسير والتحليل والتأويل من أقطارها، وأنا أسأل قبل أي إجراء إن كانت هذه العبارة صحيحة حقاً وقيلت، أسأل إن كانت كذلك فإنها كلمة مسؤول هو قائد البلاد كان عليه أن يقولها لا من باب المكاشفة ولا من باب حسن الظن ولا من باب "التورية" التي هي من عناصر البلاغة العربية، ولأن شعبنا بسيط الحياة، بسيط اللغة، بدهي القول، فإن فهمها هذا الفهم البسيط الساذج "أنه ما بش معاش، ما بش زلط" فتلفظ لفظاً ليس إلا، متسقاً مع حالته المعتادة وبدون أي مراعاة لفن التعامل اللغوي، فسأل نفسه التي هي نفس كل يمني أصابه الضر وشديد الوجع: "ما دام ما بش زلط، ما عاد جالس يفعل؟! يخرج يبسر له عمل واحنا نبسر لنا رئيس!". ولقد كان من البر والرحمة أن يزار المريض، لما للزيارة من رفع معنوية المريض. وشعبنا مريض بهذا العدوان الخبيث الحقير، الذي ما ترك إنساناً ولا حيواناً ولا شجراً ولا حجراً إلا فتك به وأتى عليه، بينما العالم المنافق يتفرج بقحة نادرة لا مثيل لها في عالم الماضي بإطلاق.
وبما أن الأخ الرئيس قد "خرّت" عليه هذه العبارة دون محاسبة، بل وربما دون فقه أو دون أناة ورؤية، فإن من حقنا عليه أن يعتذر، بمعنى أن يوجه بصرف نصف راتب كفارة لعبارته التي أوجعت شعبنا أيما وجع وكانت أشد عليه من وقع الصارم المهند!
يا رئيس مجلس الرئاسة، يا قائد ثورتنا المظفرة، اتقوا الله في شعبنا الصابر، فهو على حالة هي الموت أو أقرب من الموت، وقد يكون الموت أسهل وأهون من طرد المؤجر مستأجريه الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. بينما العفاشيون في بذخ فاره، والمرتزقة، مرتزقة الداخل، قد عرفوا الآن كما عرفوا في الماضي من أين تؤكل الكتف، وهم يعرفون كيف يرقصون، كما يعرفون كيف "يصرخون"، فلكل زمن يسارعون إلى إيقاعه، على صوت فيصل علوي أو على صوت الصرخة... وهذا الكلام موجه إلى القيادة كما هو موجه إلى القاعدة، فلا خير فيهم إذا لم يسمعوها، ولا خير فينا إن لم نقلها. وفي هذا العهد الجديد نحتاج الجهود الصادقة، لأننا نقوم بالتأسيس لمراحل تنموية ينتظرها شعبنا المجاهد المثابر.

أترك تعليقاً

التعليقات