فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

حديثنا اليوم عن كارثة هي أسوأ من الحرب التي يتعرض لها بلدنا، وربما يوافقني الرأي كثير من الخائفين على هويتنا القومية والدينية.
من الصعب أن نطلق على غياب اللغة العربية أنها الحرب الأسوأ التي تهلك بسببها هويتنا القومية والدينية. مئات المدارس الثانوية وعشرات الجامعات التي تنضوي تحت أجنحتها أقسام اللغة العربية وآدابها، ثم نجد هذه الجامعات والمدارس والمعاهد تخرج لنا أجيالاً من "العجمة"، ونعني بذلك مئات بل ألوف الطلاب الذين دخلوا بهويتهم العربية أقسام اللغة العربية وآدابها، ثم تقذف بهم الجامعات ولا تُـقـوّم ألسنتهم في اللغة العربية نطقاً وكتابة. ونحن لا نحزن لمئات المليارات التي تذهب سدى، وإنما نقيم مأتماً وعويلاً على ما تخرجه المدارس والمعاهد والجامعات، في أقسام اللغة العربية بالذات، من مخرجات غاية في الرداءة، ونكاد أن نستخدم لفظاً نكرهه أو على الصحيح عبارة غاية في القساوة، وهي أننا نتحدى أن يثبت واحد من الناس أن طالب اللغة العربية على مستوى الجنس والنوع يقيم لسانه 10 أسطر قراءة وكتابة تبرأ من الأخطاء النحوية الصرفية والإملائية، بل نكاد نتحدى كثيراً من أساتذة اللغة العربية في المعاهد والمدارس والجامعات، أن يتكلم 10 دقائق بنطق صحيح. نقول هذا الكلام ليقرأ القائمون، من يهمهم أمر هويتنا القومية والدينية، (ومن كذب جرب).
في جلسة مقيل حصلت بعض الدعاوى، وهي جد خطيرة، تزعم أن بعض أساتذة اللغة العربية بفلوسهم اشتروا رسائل الماجستير والدكتوراه، وما هي إلَّا أيام حتى يدخل هؤلاء المزورون أو الطلاب (من صدقك يا صدق)، فتظهر تزويراتهم من خلال كلامهم الذي بإمكان أية نيابة عامة أن تفضح جهلهم، من ملاحظات الطلاب وغيرهم من الذين تعتمل في نفوسهم عزيمة مخذولة تؤكد أن هؤلاء الأساتذة والدكاترة قد اشتروا بأموالهم هذه الشهادة أو تلك، ثم هؤلاء المزورون لا يتحرجون من أن يُطلقوا على أنفسهم ألقاباً علمية لا يستحقونها، وللأسف أن للفقر دوراً في هذا التزوير، ونؤكد من جديد أن "أية دعوى بلا شاهد هدار"، غير أنه بإمكاننا أن ندعو هذا الذي يشكك في كلامنا هذا أن يتخير أستاذاً على مستوى المدرسة ودكتوراً على مستوى الجامعة ليقدم له كتاباً ليقرأ فيه ثلث صفحة (خلواً) من اللحن، أو يكتب ثلث هذه الصفحة خلواً من أخطاء الإملاء، أو أن يتحدث لمدة 10 دقائق خالية من الخطأ النحوي أو الصرفي أو الإلقائي.
إننا إزاء خطر دائم ولا يقل عن خطر الحرب التي تجهم بلادنا بكل همجية ووحشية.
لقد سبق أن أعلن طه حسين أن اليمن مختلفة لغتهم عن منطقة شمال الجزيرة العربية الذين هم العدنانيون، وإن كان هذا الزعم لا يتفق مع المنهج العلمي، فقد اعتمد طه حسين على فهم خاطئ محرف لنص أبي عمر بن العلاء، ولقد انبرى لتفنيد رأيه بعض الباحثين من أبناء اليمن، وعلى رأسهم السيد أحمد بن محمد الشامي، الشاعر والناقد، والسيد زيد بن علي الوزير، الشاعر والناقد أيضاً. ولعل طه حسين سيسعد بعد موته ليذهب في إعلان رأيه من جديد، بأن اليمن منتمٍ بلسان غير عربي، مستدلاً بهذه الرطانة العجمة التي يتصف بها أساتذة المدارس ودكاترة الجامعات الذين يزعمون منكراً من القول وزوراً أنهم قد حصلوا على اختصاص مؤكد بالشهادة الجامعية وما بعدها.
لسنا نريد التجريح، وإنما نطلقها صيحة تحذير بأننا نسير على جرف هارٍ، فإن هي إلَّا فترة سيستحيل فيها الانتماء للسان عربي مبين. والله من وراء القصد.

أترك تعليقاً

التعليقات