فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

في الفكر الحزبي مستويات للقراءة تعتمد على تصنيف عمري (بحسب العمر)، كما تعتمد على تصنيف نباهي (من النباهة)، فلا تدرس الكتب ذات الخطاب المفاصل أو المواجه (كتب سيد قطب أو أبي الأعلى المودودي)، وإنما نصح معلمو الحلقات أو المشرفون الثقافيون بأن تبدأ حلقات مبدئية للتعريف بدين الإسلام للشيخ علي الطنطاوي، في كتاب له بالعنوان ذاته: "التعريف بدين الإسلام"، ثم ينطلق (الإخواني الصغير) لقراءة كتب (الإخواني الكبير) الأستاذ سعيد حوى "الله "، "محمد" ... حتى إذا استوى على سوقه مضى في قراءة كتب فتحي يكن، ويرقى في القراءة ليقرأ مقتطفات من كتاب "في ظلال القرآن" لسيد قطب، ويعمق ذائقته النقدية ليقرأ "التصوير الفني في القرآن الكريم"... وهكذا.
وبما أن كل الأحزاب ذات طابع ديكتاتوري، فإنها لا تنصح وحسب، بل إنها تأمر أصحاب الخطوات الأولى بألا تتجاوز قراءتهم هذا البرنامج القرآني المحدد من قبل المشرف (المربي). وبعض الأحزاب تضع مراقبة جاسوسية تقدم تقريراً على من يخالف هذا البرنامج، فلا يرقى إلى درجة ثانية إلا بعد حين. وذات مرة دخلت المقيل وشاهد هذا الحزبي هذه الصحيفة المعاكسة لحزبه، فصرخ كما يصرخ الطفل المذعور حين يرى أسداً فاغراً فاه. والمسألة لا تقف عند هذا الحد، بل إن الموضوع يصبح عادة وعبادة، فهو يضيق بالرأي الآخر، ويرى أن رأيه هو الصراط المستقيم الذي يرجوه كل مسلم خمس مرات في اليوم. وعجبت من بعض الأحزاب الدينية عندما يتميز الداخلون فيها بكثير من بلادة وغير قليل من الغباء ليدافع عن اتجاهه الحزبي باليد أو المسدس أحياناً! وسمع أحدهم صوتاً لمن أطلق الرصاص على المسلم التقدمي جار الله عمر في يوم مشهود، وهو يقول: "قتلت عدو الله! قتلت عدو الله!"، ولا يعلم القاتل أن هذا "الكافر" يحفظ القرآن وقد تقلب في الأزهر عمراً غير منقوص، وكان ينادي بضرورة تجديد المناهج، بما في ذلك المنهج الإسلامي الذي يفرق بين الشريعة والطريقة، أو الشريعة والعقيدة، حيث الشريعة قابلة للاجتهاد، بخلاف العقيدة.

أترك تعليقاً

التعليقات