فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
حرص على عبدالله صالح، وهذا شيء مشروع، على أن يسد عقدة نقصه الثقافية بمزيد من القراءة ولو عناوين، فاستكتب عدة مثقفين، ومنهم أساتذة جامعات وصحفيين وحزبيين لامعين، وسمعت أستاذاً كبيراً وأحدهم يهدي له أطروحة فيقول له: هذه للرئيس.
لربما كان زعماء الحزبية في الجنوب مثقفين ووراء هذه العقدة، بل إن ثقافتهم قد أفضت إلى حروب بين بعضهم وبعض! وبينما قدم مثقفون أهل خبرة سياسية علي عبدالله صالح إلى دوائر الاستخبارات الأجنبية كزعيم مؤهل، وعلى رأسهم وزير خارجيته طال أمده وأمد أسرته في هذه المؤسسة، فإن بعض معاوني الزعيم كانوا يشيرون عليه بأشخاص يستحقون أن يشغلوا مراكز ثقافية ودراسات... الخ، ليتحقق للزعيم إنجازات تلميع صورته في الداخل وسد عقدة نقصه في الخارج. كما كان معاونوه يشيرون عليه باستدعاء كبار الصحفيين العرب والأجانب لإجراء مقابلات فيضعون للصحفي الأسئلة كما يضعون لفخامته الجواب لقاء رزمة من الدولارات عهدة لدى أحد معاوني الزعيم!
كان الزعيم ذكياً إلى درجة أنه كان يؤدي حركات أثناء الحوار توحي بتلقائيته وحسن نباهته. والحق أن بعض هذه المراكز انتهت مهمتها لانتهاء العطاء من ناحية، ومن أخرى لعدم تصور واضح للاستمرار كل هذه الأسطر مدخلاً وحسب لسؤال خطير. هل يفهم الجيل اليمني الطالع عن تاريخ اليمن الحديث والمعاصر شيئاً ينفعه للاعتبار بالماضي أو يدفعه للانحياز للمستقبل والحاضر؟
لقد سعى كثير من زعماء اليمن لبناء شخوصهم كقادة "ظاهرين" عبر وسائل ومراكز بحوث ودراسات درزت وجوه لا تستحق الذكر زمرت وطبلت لأولئك وهؤلاء، بينما أخمل هذا الزمْر والطبل تاريخ اليمن في الماضي والحاضر فلم يكن يعرف عن أحداث تاريخه شيئاً.
لقد كتب رحالة مستشرقون وعرباً عن اليمن في القديم والحديث كتباً ومذكرات مثل: "اليمن من الباب الخلفي" و"كنت طبيبة في اليمن" و"رحلة إلى صنعاء" و"ملوك اليمن" و"رحلة نيبور" و"الرحلة اليمنية"... وكان أولى ثم أولى أن تدرس هذه الكتب وتحقق لما فيها من معلومات تحتاج للتنقيح والتصحيح، ولما فيها من مناهج علمية وآفاق موسوعية، وهو أمر كان على مراكز الدراسات أن تقوم به، بل إن كثيراً من مذكرات الثورة اليمنية ملآى بالأباطيل، وذلك بدافع نضج الذات المنتفشة بالطائفية والمذهبية والسلالية.

أترك تعليقاً

التعليقات