إضافة!
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
بعبقرية منقطعة النظير أضاف صالح إلى النظرية البريطانية «فرِّقْ تسُدْ» نظرية عفاشية «فرِّقْ نسُدْ». وتتجلى عبقريته في أنه جمع بين الأختين: البريطانية والعفاشية، ففي النظرية البريطانية عمد صالح إلى تفريغ القوى الوطنية باعتبارها موحدة قد تشكل بالضرورة خطراً على مصالحه الشخصية، ليس ذلك وحسب، بل على حياته الشخصية، فعمل على «تعفيش» المنظومة الحزبية وشتاتها، فالبعث قسمان والناصريون قسمان، والاشتراكيون أقسام، والإخوان كذلك... واستطاع بحنكة ودهاء أن يكون دينامو يمد هذا «التعفيش» بحرارة تتجاوز درجة الاشتعال، بل استطاع بدهاء ومكر أن يوظف بعض شخصيات هذا الحزب أو ذاك مخبرين سريين له، مستغلاً بؤسهم وظروفهم القاسية!
كما رأى أن الأحزاب ليست هي القوى الوطنية الوحيدة في الساحة، بل إن هناك قوى أخرى، كالمشائخ الذين يشكلون بنية اجتماعية لها فعلها وتجاربها في التنوير والتغيير، فقام بالتحريش بينهم مستخدماً السلاح والمال والوظيفة العامة، وكل ذلك خلق صراعاً بينياً في هذه الفئة، إلى درجة أن ينادي شيخ قبيلة «بكيل» بأن يكون هناك عدل في القسمة بين «بكيل» و»حاشد»، فإذا كانت «حاشد» قد منحت مجلس النواب فلماذا لا تعطى «بكيل» مجلس الشورى؟!
أما فئة المثقفين، والفقر عدوهم اللدود، فقد تصدق عليهم ببعض الفتات ليستغلهم في التسبيح بحمده ولجم أي محاولة ضالة تنال من حكمه الرشيد ومنهجه السديد!
إذا كانت بريطانيا قد رأت أن «فرِّقْ تسُدْ» سياسة تكفل لها دوام استعمارها للشعوب، فإن عفاش قد اتخذ وسيلة فذة وقابلة للتطبيق، وتتمثل في «المناصفة» في المصالح، فهو يعطي كثيراً من المناصب للقادة العسكريين والمدنيين، لتكون هذه المناصب مصالح مشتركة، فعلى سبيل المثال أعطى محافظة حضرموت للمرحوم محمد إسماعيل، الذي كان يرفض توجيهات أحمد علي (الزعيم المرشح) بإعطاء من يوجه لهم بقطع أرض من حضرموت، حتى قال لبعض الموجه لهم: «خلي أحمد علي يسير يعجا (يرضع)»! وحين أعطى المرحوم أحمد فرج الساحل الغربي، ومن بعده الرئيس «السُّبْلة» رشاد العليمي، والمجال يتجاوز العد لضرب الأمثلة على نظرته «فرِّقْ نسُدْ» العفاشية!
ذهب الرجل إلى يوم منظور حق، هو يوم الحساب، حيث لا ينفع مال ولا بنون، هناك تبلى كل نفسٍ بما كسبت، والله عدل وجزاء.

أترك تعليقاً

التعليقات