فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
تنفتح آيات القرآن الكريم على أكثر من معنى، فلا يكون بين معنى وآخر اضطراب أدبي، جهة منفكة، كما يقول أهل المنطق، بل تتسق المعاني على نحو عجيب ومهيب. ولا بأس أن نذهب في القول إلى أن المفسرين يحاول كل امرئ منهم أن يسبق في تدوين ما فتح الله به عليه من مفهومات يتلقاها عن طريق فيوضات وإلهامات. وإذا كان المفسرون الأوائل قد قلد بعضهم الآخر، فإنما يبدو هذا التقليد في سبيل إيصال الأفكار الأساس للآيات القرآنية المكرمة، فهناك تفسير الإمام الشوكاني «فتح القدير» (عدة أجزاء) يتكئ إلى حد بعيد على تفسير ابن كثير. وإن كانت الإشارة لنذكر أن هناك تفاسير تشبه ما يمكننا أن نطلق عليه تفاسير أيديولوجية، بالمعنى الواسع لهذا المصطلح، فتفسير «الخازن» تكثر فيه الإسرائيليات من ذكر أساطير يهودية، وتفسير «الكشاف» الذي يعد من مصادر المعتزلة، وهناك تفسير الطبري... ونحن بحاجة لنتحقق من تفاسير عقيدية تنسب لهؤلاء وأولئك، لما تحويه هذه التفاسير من أهواء وملل ونحل.
لقد وقف كثير من المفسرين عند قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قو أنفسهم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة}، فقالوا إن في هذه الآية إشارة إلى ما يتوجب على أولياء أمور الأطفال من توجيه للحفاظ على الفرائض والنوافل. ولا يتعارض هذا العموم مع ما ينبغي أن يقوم به أولياء الأمور من إعداد أبنائهم وبناتهم إعداداً لهم لأن يكونوا مبدعين في هذه الحياة وفي مجالات كثيرة؛ لأنه لا أشد حريقاً ولا ناراً من أن يقف المرء، رجلاً كان أو امرأة، في مواجهة الحياة مشلولاً عاجزاً لا يقدر على شيء. فالوقاية هنا هي قوة البصيرة أمام العجز والضعف والهوان. وفي الحديث الشريف دعاء الرسول واستعاذته من «قهر الرجال» بعد «غلبة الدين»!! كما نفهم من الآية ضرورة التماسك الأسري من خلال هذا الأمر الجماعي، وكأن الأمر لا يستقيم إلا لجماعة المؤمنين، وماذا بقي من المجتمع إذا كان هذا الخطاب قد وجه لجماعة المؤمنين على مستوى الجماعة وعلى مستوى الأفراد، إذا كانوا أنفساً؟!
وتعني الوقاية فيما تعني الاستعداد لأي طارئ ولأي طارق. وتنفتح لفظة الوقاية على معنى آخر هو إعمار الأرض واستصلاحها، لتعتمد الأمة على ذاتها لتحقق الحرية المبتغاة وتكون صاحبة القرار وجديرة بالاستقلال الناجز.
إن في آيات القرآن حياة لأولي الألباب؛ لأنها آيات لا تنفد؛ لأنها كلمات الله.

أترك تعليقاً

التعليقات