فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
رمضان يمضي مسابقا نهايته، كضيف خفيف الظل، أو هو كذلك، وهو ما يوجب تقديم كشف حساب بما صنعناه في أيامه الخوالي، من واقع كشف محدداته، فهو «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن»، فكم جزءاً من القرآن حفظنا؟! أو على الأقل كم فهمنا من المعجم القرآني لهذا الجزء؟! ثم ما هي التشريعات أو الآداب أو الأوامر والنواهي التي فهمناها من السور والآيات التي تلوناها؟! ثم هل استطعنا أو هل يمكننا أن نقوم بعملية حسابية موازنة يمكن من خلالها أن نقيس سلوكنا قبل رمضان بأيامه العجلى؟! هل هناك تغيير في سلوكنا أم لا؟!
إن رمضان كبقية العبادات، لا بد أن يكون له أثر في سلوكنا، فلا صلاة لمن لم تنهه صلاته عن المنكر من جريمة ترك الصلاة واقتراف جريمة الزنا... ولا حج لمن زاول الرفث والفسوق والجدال في الحج، ولا صوم لمن خالف أمر الله من صلة الرحم وإعطائهن حقوقهن وعضل الفتيات عن الزواج واقتراف الغيبة والنميمة...
يقول سيدنا رسول الله، وهو الصادق المصدوق: «خمس يُفطرن الصائم: الكذب، والغيبة، والنميمة، والنظر بشهوة، واليمين الكاذبة» (الحديث أو معناه).
إن فريضة الصوم تنقلنا معشر المسلمين إلى عقيدة ينبغي أن تستوطن عقولنا وقلوبنا، وهي أن الحاكمية لله عز وجل، فهو الذي له حق التشريع والحلّ والحرمة، وأن ليس للإنسان حق في أي إجراء من شأنه تجاوز هذه الحاكمية، ابتداءً أو تعديلاً أو حذفاً أو إضافة.
إن شهر رمضان مدرسة سماوية تحكم السلوك وتعبر عن أن بالإمكان أن يغير الإنسان أنماط سلوكه، فإذا كان باستطاعته أن يمتنع عن الطعام والشراب والزواج، فإنه يستطيع أن يمتنع عن الرشوة وتجاوز القانون وأكل حقوق الأيتام، وأن يرد الحق إلى أهله ويحسن إلى الجيران ويصبر على أذاهم ويطرح الأنانية ويترك المحرمات والحسد، وينبذ الضيق بالرأي الآخر ويحسن الظن بالمسلمين والكافرين على السواء، ويشعل التكاتف لإنجاز مشروعات تنفع المجتمع، ويتخلى عن الانتصار للذات...

أترك تعليقاً

التعليقات