طلع البدر
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
حين تشتد قبضة الفساد ويعم الجور وتستبد المظالم وتكثر المآتم يأتي شهر (ربيع الأنوار) ليتذكر المسلمون فيه الثورة ضد الطاغوت فيتحرروا من كل العوائق التي تحول بينهم وبين الضوء المبين الذي يمزّق كل مصابيح الغواية والضلال، وكل ما يشد المسلم إلى الخرافة وأسباب النقص الأخرى. فالإسلام دين العبودية لله وحده ورفض الأصنام والأوثان وعبادة الأفراد والجماعات، وهذا يعني أنه دين الحرية وقراءة أسباب الحياة الرّخية الرضية في الدنيا والأخرى.
لقد عانى أبناء الجاهلية على مستوى الأفراد والجماعات كثيراً من القلق والخوف، وامتنَّ الله عليهم بأنه (أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، وأسقط دين الاستبداد (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وجعل المسلم مسؤولاً مباشراً أمام ربه، يجازى على أفعاله (فمن يعمل ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره). ومن أجل ذلك نفث في روح المؤمن أن الدنيا دار عمل، والآخرة دار مقر، وأن المسلم عابر إلى ربه بكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ليجد ما عمل من خير محضراً وما عمل من سوء يود لو أن بينه وبينه أمداً بعيدا، فيظل المسلم يخاف ربه ويتقيه استعداداً ليوم الحساب، وهو يكرر خمس مرات في صلاته (مالك يوم الدين) أي الجزاء.
لقد منَّ الله على عباده أن بعث فيهم من أنفسهم نبياً ورسولاً يريهم طريقاً مستقيماً غير معوج يسير فيه المسلم واثقاً من كمال حريته وتمام شخصه السوي، ليعبد الله باختيار كامل تام غير عسفٍ أو إجبار، ولذا كان احتفال المسلم في شهر (ربيع الأنوار) احتفالاً بطهارة اليد ونقاء وبياض القلب واطمئنان النفس.

أترك تعليقاً

التعليقات