فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
أحايين عديدة، تلتبس بعض المفهومات (المصطلحات)، فتأتي أحداث تفسرها وتكشف حقيقتها والمراد منها. ولهذا قال اليمني أو العربي القديم مثلاً بالعامية: «الدهر فقي (فقيه) ومن لم يعلمه أبوه يعلمه الدهر». ويرسل الأب مثلاً يقوله لابنه المسترسل في العقوق: «يا ابني، الدهر تجاهك، شخرجك»!
من ضمن هذه المفهومات التي كانت ملتبسة عليّ، حديث شريف: «الأعمال بخواتمها». وهناك حديث شريف مفاده: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا خطوة فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» (رواه مسلم)!
بعض الناس يدعي الوطنية حتى لتكون ملته وعقيدته، ينفق كثيراً من وقته ليذيع في الناس حبه الذي لا يكاد يغفل عنه لحظة ويزايد بهذا الحب في كل سوق، فإذا بالحقيقة تكشف عنه خائناً قبيحاً عميلاً تتأفف من مشيته الطرق وتلعنه نباتات الحقول، وتقذره أنسام الفصول الأربعة!!
علي عبدالله صالح، الذي يذكر بعضهم أنه كان رفيقاً في حزب البعث العربي الاشتراكي- فرع العراق، كان يدعو نفسه حارساً لمكتسبات الوطن، وأنه جمهوري، مع أني سمعت )وهذه شهادة لله) السيد الأديب والناقد ومن يكتب بخط يده دستور 1948، ولذا حكم عليه بالإعدام ليكون ضمن شهداء سجن حجة، لولا شفاعة زوجه بنت عبدالرحمن الشامي عند خالها الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين لسفك دمه في ساحة «حورة»، وأعني به السيد أحمد بن محمد الشامي، فلقد ذكر لي أن علي عبدالله صالح كان أحد عكفة الأمير -لمدة أسبوع- محمد بن أحمد بن يحيى حميد الدين.
صدّق كثير من أبناء الشعب اليمني هذا الممثل البارع و»المحنّش» العبقري. وبينما كان كثير من أفراد الشعب الملأى عقولهم بأمية سوداء يسعد بطلعة فخامته بالتلفزيون في مناسبات وطنية، ذاكرا له جميلاً غير منقوص وهو أنه «يأكل ويؤكل»؛ كانت الصفوة أو النخبة التي ما زالت صامتة، كانت تجسد له الخاتمة السيئة، باعتباره لصاً يعيش على مص دماء فقراء وطنه وسفاكا لأرواح شموس التنوير من مناضلي الحركة الناصرية الذين -حتى اللحظة- لا تعرف أسرهم قبوراً أو حفراً رماهم داخلها. وكانت الخاتمة: «دعوة إلى فتنة» سبق أن حذر منها ونفاق اتخذه «تقيةً» ليستمر «محنّشاً».
وماذا عن رشاد العليمي؟! ضحوك يبتسم للأصدقاء، رجل ممتاز له (وهذا من باب «ولا تبخسوا الناس أشياءهم») قدرة على تصور كافٍ لكيفية إنشاء دولة. هو كزميله علي صالح الذي سخر ذكاءه «للتحنيش»، وكان ترجمة مادية لعبارة «الكذب حبله قصير»، إذ ظهر رشاد ولمدة تجاوزت عقوداً إنسانا عاقلا غير صدامي، يفكر أكثر مما يتكلم، يحترم زملاءه، متواضع الأخلاق، له قدرة على معالجة المواقف الحرجة و... و... غير أنه باع «رشده» بضلال قديم، كان يسم به «آل سعود» فأصبح رشاد ضالاً.
أحد منا ما كان يصدق أن يكون رشاد ضالاً؛ ولكن الخاتمة سيئة للغاية: رشاد أصبح يباهي بصورة «تشرف» فيها بجانب قاتل الأطفال سلمان بن عبدالعزيز، ولحظات وفاء صورته يُقبّل كتف المخبول الأحمق بعد أدائه لليمن الدستورية، ليكون خاتمة سردية تعلن الولاء لـ»إسرائيل» وأمريكا ويهود السعودية الذين استبدلوا الزنانير بالمشالح الملونة.
ولرشاد، العمل بخواتيمه! ويا رشاد، الله المستعان عليك!!

أترك تعليقاً

التعليقات