فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في 28 أيلول/ سبتمبر 1970، يوم وفاة الراحل جمال عبدالناصر، وحتى بداية رئاسة أنور السادات التي استمرت من 25 كانون الأول/ ديسمبر حتى 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1981 صباح اغتياله على يد جماعة دينية خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، عاشت القاهرة حراكاً سياسياً عكسته ثقافة النخبة والعامة على السواء، وتجلى هذا الحراك الشديد الفوران بين أقطاب ليبرالية وأخرى تصحيحية، وفي الوسط تيارات علمانية ودينية، وكل قطب لا وسطية فيه، بل إن كل قطب يرى أنه المصباح الأكثر توهجاً وإنارة وضوء!
وكان حكم «ناصر» بل فترة حكمه موطن استشهاد مُواتٍ لكل قطب أو فريق، وكان هدف كل قطب هو أن يتسيد المشهد. كان زعماء أحزاب هذه الأقطاب ينالون من جمال عبدالناصر؛ فالحزب الشيوعي المصري ينقم منه لأنه حل الحزب، الذي تأسس سنة 1922 (ربما لأن الحزب رفض اتحاد مصر مع سورية)، والإخوان يكرهون ناصر ويحقدون عليه بسبب إعدام سيد قطب وآخرين... وكان داخل النظام المصري يكره عبدالناصر لأنه «دكتاتور وفاشي».
لعبت الصحافة دوراً بارزاً في هذا الصراع على الأمكنة؛ فإذا ما استخدم اليسار مجلة «روز اليوسف» و»الطليعة»، فإن الليبراليين كانوا ضمن مؤسسة «الأخبار» ومؤسسيها مصطفى أمين وعلي أمين، اللذين اعتقلا بتهمة التخابر مع الأمريكان، وصودرت مجلة الإخوان المسلمين «الدعوة»، والتي صدر أول عدد منها في 30 كانون الثاني/ يناير 1951... ولم يكن النظام بعيدا عن هذا الحراك الصحفي فكان «الأهرام» التي تطبع 3 طبعات يومياً ثم «الأخبار» ثم «أخبار اليوم» بعد أن مات عبدالناصر. وبالمناسبة فإن معظم رؤساء تحرير الصحف الحكومية يعينون بقرار جمهوري شفوياً أو كتابة، مثال «الجمهورية» التي مثلت رغبة عبدالناصر بأن يكون لثورة يوليو صحفها الخاصة، وكذلك صحيفة «الأهرام» وأبرز رؤساء تحريرها محمد حسنين هيكل وفكري أباظة وعبدالقادر حاتم وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي وإبراهيم نافع... ولم يقتصر الحراك السياسي على ما يسميه المصريون «الصحف القومية»، بل لعبت الصحف الثقافية دورا مهما في الجانب السياسي كمجلة «المصور» و»آخر ساعة» و»صباح الخير»...
إن صحافة مصر على اختلاف توجهاتها تعكس الواقع السياسي والثقافي بوجه عام. والسؤال: ما هو توجه الصحافة اليمنية؟

أترك تعليقاً

التعليقات